القاهرية
العالم بين يديك

المرأة في الحروب

177
د / زمزم حسن
لعبت المرأة دورا كبيرا في الحروب وذلك بإثارة روح الحماسة في صفوف الرجال، وتشجيعهم علي بذل النفس والنفيس ولتحقيق النصر لقبائلهم، فعندما استحكم الصراع بين الغساسنة والمناذرة قامت حليمة بنت الحارث الغسانى تتفقد جنود أبيها بنفسها، وتدهن أيديهم بالطيب والعطر، وهي تبث فيهم روح الحماسة والإصرار.
ويتكرر هذا الدور في مشهد أخر عند محاربة قريش للمسلمين في يوم أُحد حيث خرجت نسوة قريش تقودهن هند بنت عتبة زوجة أبى سفيان يتجولن في الصفوف، ويضربن بالدفوف، يستنهضن الرجال، ويحرضوهم علي القتال ويثرن حفائظ أهل الضرب والطعان
وكانت النساء تصاحب الرجال إلى ساحة القتال لمداوة الجرحى، وحمل الماء إلى العطشى، ولم يقتصر دورهن عند هذا الحد فحسب، بل بارزن بالسيف، وامتطين صهوة الجياد، ورفعن لواء الحرب، وكانت لبعضهن صولات وجولات لا تقل عن فرسان قبائلهن.
كما كانت المرأة قادرة على أن تشعل نار الحرب والقتال بين القبائل، فإنها كانت قادرة أيضا على وقف القتال والدعوة للسلام، وحقن الدماء، وإنها الخلاف، وقد رأينا سبيعة بنت عبد شمس في يوم عكاظ بين كنانة وقيس وكانت الدائرة فيه علي قيس، فلما رأت قومها قد اسرف في القتل، جعلت من خبائها حرما آمنا لكل من استجار به من قيس، وأمضي ذلك حرب بن أمية فأجار من استجار بها، وقال لها “ياعمة من تمسك يا طناب خبائك أو دار حوله فهو آمن فنادت بذلك، فأستدارت قيس بخبائها حتى كثروا، فلم يبقي أحدا لا نجاة له إلا دار بخبائها فسمى هذا الموضع مدار قيس
كما كان أي اعتداء على المرأة سبباً في اندلاع الحرب بين القبائل، وإراقة الدماء، فعندما نادت ليلى ام الشاعر عمرو بن كلثوم «واقوماه» لم يملك ابنها إلا أن استل سيفه وذبح عمرو بن هند ملك الحيرة، وسبى خيله ونسائه عقابا له لتعمد أمه إهانة ضيفتها أم الشاعر
وتمادى العرب في ذلك فكان اعتداء كليب وائل زعيم ربيعة على ناقة البسوس سببا في حروب ومعارك دامية استمرت أربعين عاماً، وكان تناول رجل رغيفاً من على رأس الخولاء، خبازه بنى سعد بن زيد مناة سببا في أن تشكوه إلى قومها فثأروا عليه، وقامت حروب ومعارك بينهما قتل فيها ما لا يقل عن ألف رجل.
اشتهرت بعض نساء العرب بالحكمة والعقل، فكن مرجعا للرجال يأخذوا بمشورتهن، ويسمعوا لأرائهن، وقد رأينا كيف تمكنت سعدى أم أوس بن حارثة بين لأم طائى من اقناع إبنها بالعدول عن قتل الشاعر الذي هجاها وهجاه، والعفو عنه والإحسان إليه وإكرامه، حتى أقسم ألا يقول شعرا إلا مدحا فيهما، فأنهت بحكمتها صراعا كاد أن ينشب، وحقنت دماء كادت أن تراق
قد يعجبك ايضا
تعليقات