القاهرية
العالم بين يديك

ستعود الأرض قريبًا

264

 

كتبت/ سالي جابر

 

إنّها الثورة هكذا يقولون جميعًا، وأنت لا تستطيع أن تعرف معنى ذلك، إلا إذا كنت تُعلق على كتفك بندقيةً تستطيع أن تُطلق، فإلى متى تنتظر؟

غسان كنفاني.

وهو السؤال الذي لابد منه” إلى متى الانتظار؟” دائمًا الانتظار أمرٌ مريع، يرتعب فيه القلب مع عقارب الساعة، يقطر فيه الجبين قلقًا ورعبًا، تهتز معه الأشجار، تتفجر معه الينابيع، لكن في فلسطين الأمر ليس كذلك، بل إن الانتظار هناك هو انتظار الشهادة فقط، هم يعلمون أن النصر قريب، فيموتون من أجل الوطن، الأرض، العرض… يموتون بعزة وكرامة، لا ينتظرون شيئًا من أحد.

في اليوم السابع من أكتوبر للعام 2023 كنا في مصر نحتفل بنصر أكتوبر المجيد، نتفاخر بنضالنا وقوتنا وبسالة الجيش المصري العظيم، ثم حدث ما أثار ضجة الشعوب جميعها ! إنها القدس تنتفض، إنها تمجد ذكرى التاريخ، وتسجل اسمها بدماء الشهداء، وانقسم الشعب لطوائف، منهم من يفرح وينتصر، فقد خرج الأسد من عرينه ودوى ذئيره في الكون منيرًا سماء المعركة، والآخر يتساءل: لماذا تلك الحركة في ذاك التوقيت ومنفردة بلا تخطيط جماعي رغم فارق العدد بين الجيوش ورغم العتاد؟

ربما كان السؤال منطقيًا، لكن هل سيبقى المُحتل هكذا لن ينتفض؟ وهل سيبقى العدو وديعًا لن يهاجم، يقتل، يغتصب ؟! كيف السبيل إلى الحرية وأنت تنتظر المساعدة، كيف النجاة وما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة كما قالها السادات سابقًا.

التحرير يأتي من البندقية، والبندقية تثور، والثوار يزأرون في سماء المعركة، وتبدأ الحرب رغم العدة والعتاد، وتصل إلى طلب الهدنة من العدو فقد كانت الخسائر فادحة له، والهدنة بشروط الأقوى، وما القوي إلا منتصرًا !

ليس بالعدة ولا العتاد فقد صدقنا الله وعده، وقد انتصر المسلمون في العديد والعديد من الغزوات، كغزوة مؤتة أول غزوة يخوضها المسلمون خارج حدود الجزيرة العربية، بين المسلمين والروم بعدد ثلاثة آلاف مقاتل من المسلمين مقابل مائتي ألفًا من الروم، لقد نجح الجيش الإسلامي بعدده القليل أمام جيش الروم الكبير وذلك بفضل القائد خالد بن الوليد في براعته وعقله الراجح باعتماده على الحرب النفسية.

 

غزوة حمراء الأسد التي حققت نصر أُحد وكان عدد جيش المسلمين 630 رجلًا، بينما كان تعداد القرشيين فيها 2880

عاد المسلمون منتصرين من هذه الغزوة، وعلموا أن بعد الضيق فرجًا، وبعد العسر يسرًا، وتبددت مشاعر الخذلان واليأس بعد غزوة أحد.

 

غزوة بدر انتصر فيها المسلمين رغم قلة عددهم، فقد بلغ عدد الجيش الإسلامي 313 رجلًا مقابل 950 رجلًا من المشركين

أوليس النصر الله قريب !

الإرادة الحقيقة والعزيمة والإيمان بالنصر، إدراك الحق المُغتصب، والأرض المغتصبة، وملاحقة الفخر قوة لا يمكن الاستهانة بها، ما يحدث الآن هو الثأر، هو تصحيح الصورة الذهنية عن الحرب على أرض فلسطين.

 

لا تنظروا إلى الخراب ولا عدد الشهداء، بل انظروا إلى الكيفية التي يتعاملون بها مع الموت، إلى الابتسامة المرسومة على الوجوه، إلى الأمل في الله، وتعلموا منهم معنى الإيمان، لا تنظروا إلى الهدم انظروا إلى التقوى التي تمكنت من القلوب حين فراق أحبتهم، أطفالهم، انظروا لذاك الطبيب الذي يودع عائلته في المستشفى التي يعمل بها، إلى الطفلة التي تكيد العدو بقولها” والدي طلب الشهادة ونالها” انظروا إلى تقوى القلوب رغم الورع، انظروا إلى طلب العدو الهدنة، إلى ابتسامة الأسرى حين رحيلهم، إلى من دخل الإسلام بسبب تعامل الفلسطينين مع الأسرى.

إنه نصر الله الذي جعل العدو يُهزم على يد أهله.

ستعود الأرض قريبًا، وسيمجد الشهداء، ويهدي كل أب ألعاب جديدة لأطفاله في الأقصى قريبًا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات