د. إيمان بشير ابوكبدة
يحتوى التبغ على النيكوتين من بين منتجاته، وهو المسؤول الرئيسي عن الإدمان والشعور بالانسحاب الذي تسببه السجائر. عند استنشاقه، يصل النيكوتين إلى الدماغ بعد 10 إلى 20 ثانية، ويحفز إطلاق الناقلات العصبية (مثل الدوبامين) التي تسبب الشعور بالسعادة والرفاهية. ومع ذلك، كلما اعتاد الجسم على هذا التأثير، زاد الاعتماد على استهلاك النيكوتين، مما يجعل التدخين أعظم شكل من أشكال التعزيز والاعتماد الناتج عن إدخال مادة ما إلى الجسم. على الرغم من الشعور اللحظي بالسعادة، فإن تعاطي السجائر المزمن يؤدي أيضا إلى تلف عصبي، وعلى المدى الطويل، يضعف الإدراك والتفكير.
تشير الدراسات إلى أن مستخدمي منتجات التبغ يتعرضون باستمرار لأكثر من 4000 مادة سامة ومسببة للسرطان. لذلك، وعلى عكس ما يعتقده الكثير من الناس، فإن التدخين لا يضر الرئتين فقط. مثل هذه المواد تسبب أضرارا لا رجعة فيها في جميع أنحاء الجهاز الهضمي (الفم والحنجرة والمريء والمعدة والأمعاء)، والقلب، والجهاز العصبي المركزي، بالإضافة إلى التدخل في استقلاب الطاقة والخصوبة والحمل.
وعلى الرغم من التأثيرات المباشرة على الصحة، إلا أن المدخنين ليسوا الأشخاص الوحيدين الذين يتعرضون لآلاف المواد الضارة الموجودة في السجائر. ينشر البخار الناتج عن حرق السيجارة مواد مختلفة في الهواء، والتي تصل بسرعة إلى رئتي الأشخاص الآخرين من حولهم، وقد تسبب ضررا لهؤلاء الأفراد دون قصد. وبالتالي، فإن التصنيف بـ”المدخن” لم يعد مقصورا فقط على أولئك الذين يتعاطون السجائر بشكل مباشر. وفي السنوات الأخيرة، بدأ هذا التصنيف يشمل أنواعا مختلفة من المدخنين (النشطاء والسلبيين)، وتقسيمهم حسب نسبة حدوث واحتمال أن تسبب هذه المواد ضررا لجسمهم:
المدخن النشط (المدخن الأساسي)
هو الفرد الذي يستخدم التبغ بوعي، ويستنشق كلاً من الجزء الغازي والجزء الجزيئي (الجزيئات غير المتطايرة التي يتم احتجازها في الغالب في مرشحات السجائر، ولكن عند استنشاقها، تترسب في الشعب الهوائية). ويمثل هؤلاء مجموعة المدخنين الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين.
المدخن الثانوي أو السلبي (المدخن السلبي الذي يعيش مع مدخن نشط)
هو فرد لا يستخدم السجائر فعليا، ولكنه يستنشق الدخان الناتج عن حرق التبغ، وكذلك الغازات التي يطردها المدخن. على الرغم من تعرضه في الغالب للجزء الغازي وبتركيز أقل مما يستنشقه المدخن النشط، إلا أن هذا التعرض يسبب أيضًا ضررًا للجسم (بشكل رئيسي في الشعب الهوائية)، مما يؤدي إلى تهيج وحساسية قد تتطور إلى أمراض مزمنة.
المدخنون من الدرجة الثالثة (المدخنون السلبيون الذين لا يتفاعلون مع المدخنين النشطين)
هم فئة حظيت بالاهتمام في السنوات الأخيرة. هؤلاء هم الأشخاص الذين يتلامسون في نهاية المطاف مع جزيئات السجائر التي تحملها الرياح (الجزيئات الغازية أو رماد السجائر نفسها) والتي تساهم في تلوث الهواء.
آثار التدخين على صحة القلب والأوعية الدموية
ارتفاع ضغط الدم
يسبب التدخين ارتفاعا مؤقتا في ضغط الدم، كما أن التعرض المستمر لدخان التبغ يسبب ضررا لجدران الأوعية الدموية، مما يزيد من مقاومة تدفق الدم، مما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
تضييق الأوعية الدموية
يمكن لبعض المواد الكيميائية الموجودة في التبغ أن تلحق الضرر بالخلايا البطانية (بطانة الأوعية الدموية)، مما يتسبب في تصلب الشرايين وتضييقها، مما قد يحد من تدفق الدم ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل تصلب الشرايين والذبحة الصدرية وأمراض القلب.
تشكيل لويحات تصلب الشرايين
يزيد التدخين من خطر تكوين لويحات تصلب الشرايين، وهي ليست أكثر من مجرد رواسب من الدهون والكوليسترول ومواد أخرى على جدران الشرايين، مما قد يؤدي إلى حالات مثل الحوادث الدماغية وأمراض الشرايين الطرفية.
مخاطر جلطات الدم
يسبب التدخين زيادة في تكوين جلطات الدم، مما قد يعيق تدفق الدم في الأوعية الدموية الضيقة بالفعل، مما قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة في القلب والأوعية الدموية، مثل النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.
انخفاض في نسبة الكولسترول “الجيد”
يقلل من مستويات الكولسترول (البروتين الدهني عالي الكثافة) المعروف باسم “الكوليسترول الجيد” نظرا لدوره في إزالة الكوليسترول من الشرايين، ويرتبط انخفاض مستويات بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب
يزيد التدخين بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب، بما في ذلك أمراض الشريان التاجي والنوبات القلبية وأمراض الشرايين الطرفية وفشل القلب.