القاهرية
العالم بين يديك

حرب الروبوتات

387

 

 

د. فرج العادلي 

لم يعد لدي شكٌ في أن من يديرون هذه الحرب أو المجزرة مجموعة من الروبوتات

لماذا؟

لأن الإنسان مهما كان قاسيا غليظ القلب إلا أن لهذه القسوة نهايةً وحدًا، وبعد هذا الفاصل أو الحاجز يمكن أن يشعر أو يحس بما يدور من حوله ويحدث من آلام وأشلاء ودماء تخط بل تنهمر على الأرض كأنها شلال من بعض النساء النازفة، وهي لا تستطيع الإشارة أو الكشف عن موضع النزف محتسبةً ألمها ذلك عند ربها وخالقها سبحانه وتعالى.

وكذلك الأطفال الذين تُقطَّعُ أطرافهم الرقيقة الصغيرة بشظايا الصواريخ والقنابل المدمرة، ولا يجدون حتى مُسكّنا يُسكّنُ آلامهم ولو لساعة واحدة من نهارٍ أو ليل، بل وصل الأمر إلى إجراء عمليات جراحية كبرى عاجلة بغير تخدير (تخيل)!!!

في الوقت الذي يخاف فيه البعض من حقن التخدير فضلا عن العملية نفسها وما سيكون من تقطيع وتوصيل وغيره في داخل أو أعماق الجسد المنهك الجائع والخائف المريض النازف منذ أيام

وبحق حينما أنظر إلى بعض قادة الدول الغربية المؤيدة خاصة لا سيما رئيس أكبرها ((ونحن نفرق بين القادة والشعوب المتعاطفة)) أراه (والله) روبوت يمشي على قدمين، (وسأوضح لك بالدليل على هذا الكلام بعد قليل)

لكن هذه الفكرة مسيطرة على سمعي وبصيري وعقلي لا أدري لماذا !!

ربما لأني شاهدتٌ بعض لقطاتٍ هليودية تكون فيها بعض الآلات على هيئة بشر، ثم في موقفٍ ما أو في النهاية ينزعون هذا الجلد من على وجوههم ليظهروا على حقيقتهم ويتعاملون على طبيعتهم …

وأنا في كل وقتٍ أنتظر أن ينزعوا جلودهم ليظهور لنا أنهم آلات بريموتات تتحرك من خلال الصهيونية العالمية، -وليس لها أدنى إرادة- ننتظر ذلك حتى لا نشك في الإنسانية نفسه، والآدمية كلها أو أنه يمكن أن يكون بشر بهذه القلوب..

أعود فأقول: إن البشر مهما بلغت قسوتهم فإن هناك حدًا تقف عنده هذه القسوة، أو تتدخل الآدمية فتقول كفى للآلية والهمجية، أما هؤلاء فلا..

والدليل: أن في بداية القرن الرابع الهجري: ولما استولى الفاطميون على الحكم في بلاد الشام وفلسطين وغيرها ولما تولى المعز لدين الله الحكم أمر بلعن الصحابة على المنابر-عياذا بالله- وعطل صلاة الضحى، ومنع صلاة التراويح، وجعل القنوت في صلاة الظهر والعصر… فقام الإمام الفقيه الزاهد ابن النابلسي-رحمه الله- وأنكر ذلك بقوة وعارضهم…

وقال للناس مفتيا لهم: إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهمًا وفي هذا الطاغية تسعة، ثم خرج من فلسطين ومن معه من أهل العلم جماعة .

وبعد أن استطاع حاكم دمشق التغلب على القرامطة أعداء الفاطميين، قام بالقبض على الإمام النابلسي وأسره وحبسه… وسلّمه إلى المعز حاكم مصر.

«فلما وصل إلى مصر، جاء جوهر للمعز لدين الله وسلمه أبا بكر النابلسي، فمثل بين يديه. فسأله: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهمًا وفينًا تسعة، فقال الإمام النابلسي: ما قلت هكذا، ففرح القائد الفاطمي وظن أن الإمام سيرجع عن قوله.

ثم سأله بعد برهة: فكيف قلت؟

قال الإمام النابلسي: قلت: إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة، ويرمي العاشر فيكم أيضاً! فسأله المعز: ولم ذلك؟! فرد: لأنكم غيرتم دين الأمة، وقتلتم الصالحين، وأطفأتم نور الإلهية، وادعيتم ما ليس لكم

فأمر المعز جزارا يهودياً – بعد رفض الجزارين المسلمين – بسلخه،(وهو على قيد الحياة) فسُلخ من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ العضد،((فرحمه السلاخ اليهودي)) وأخذته رقة عليه، فوكز السكين في موضع القلب فقضى عليه، ليموت فيستريح…»

الشاهد: أن الإنسان مهما بلغت قسوته فإن لهذا حدًا وآخرًا

لكن ولما لم نجد ذلك في قادة دول الغرب المباركين للمجازر حتى اللحظة، فلا يمكن إلا أن يكونوا روبوتات

وتأمل كبيرَهم صاحب الثياب الأنيقة، والقلب الميت سترى ملامح وجهه ثابته، وبشرته شاحبة، وحركته بطيئة، وعينيه كبئرين مظلمتين، وتعبيرات وجهه تكاد تكون معدومة، وأعضاء جسده متحجرة، وردة فعله متأخرة، كأنه ينتظر تحريكا من مكان ما.

وإذا كان الحال هكذا فليس لها كاشف إلا الله.

قد يعجبك ايضا
تعليقات