القاهرية
العالم بين يديك

لَقَدْ سَوَّيْتَنِي قَمَرًا

298

بقلم :م. أحمد والي 

بَلْسَمْتُ قَلْبِيَ فَاسْتَبَاقَ بِيَ الْهَوَى

مِنْ حَيْثُ لَا أَدْرِي وَلَمْ يَدْرِ الْجَوَى

وَالرُّوحُ حَجَّتْ فِي مَعَابِدِ حَالِهَا

فَتَزَيَّنَتْ بِالْحُسْنِ حَبَّاتُ النَّوَى

وَضَّأْتُ حَرْفِيَ بِالْجَمَالِ مَلَكْتُهُ

رُوحًا تَفِيضُ صَبَابَةً فِي الْمُحْتَوَى

يَا شِعْرُ عَذَّبَنِي الرَّحِيلُ فَدُلَّنِي

هَلْ يَأْنَسُ الْقَلْبُ الْمُعَذَّبُ إِنْ خَوَى

إِنِّي بِدُنْيَا الْحُبِّ فَذٌّ نَادِرٌ

لَكِنَّنِي فِي الْعِشْقِ مَقْتُولٌ هَوَى

فَاضَتْ بِيَ الدَّمْعَاتُ تَأْسِرُ مُقْلَتِي

وَأَنَا الْمُحِبُّ بِنَارِهِ الصَّبُّ اكْتَوَى

إِنِّي أَنَا التَّشْوَاقُ أَزْهَدُ نَاسِكًا

فَعَوَاطِفِي قُدْسِيَّةٌ صَدَقَتْ نَوَى

عَجِبَ الْوُجُودُ لِحَالَتِي فَتَأَمَّلَنْ

وَالضَّوْءُ مَجْمُوعٌ بِكَفِّيَ وَانْزَوَى

قَبَسٌ مِنَ الْحُسْنِ الْمُعَتَّقِ زَارَنِي

قَدْ أَسْكَرَ الْقَلْبَ الْمُعَنَّى فَارْتَوَى

وَفَنَى فَنَائِيَ وَالنُّجُومُ مَوَاقِدِي

حَنَّ الْحَنِينُ وَدَمْعُ عَيْنِيَ قَدْ كَوَى

يَكْوِي بِيَ الذَّلَّاتُ طَهَّرَنِي مُنًى

شَفَّ الْفُؤَادُ وَهَاءَ تِيهًا فَاحْتَوَى

يَحْوِي الْحَنَايَا حَيْثُ يُغْدَقُ ذِكْرُهَا

يَا كَمْ تَمَنَّى إِنْ بِرَوْضَتِهَا طُوَى

يَطْوِي هُدُوءَ اللَّيْلِ فِي نَسَمَاتِهِ

مُتَوَلِّهًا نَحْوَ الْمَرَامِ إِذَا أَوَى

فَمَلَأْتُ كَأْسِيَ وَالْمُدَامُ يَرُوقُ لِي

رَقَّ الشَّرَابُ بِلَذَّةٍ وَبِمَا حَوَى

يَا رَوْعَةَ النَّشْوَى إِذَا أَثْمَلْتُهُ

فَكَأَنَّهُ الْبَرَدُ السَّلَامُ هُوَ الدَّوَا

وَكَأَنَّهُ دَاعِي الْوِصَالِ وَسُلْوَتِي

هَا قَدْ أَتَانِيَ فِي الدَّيَاجِي وَانْضَوَى

مَرْأًى أَذَابَ الْيَأْسَ فِيَّ رَقَائِقًا

لِيُدَوْزِنَ اللَّحْنَ الْمُحَلَّى فَارْعَوَى

طَيْفٌ مِنَ الأَنْوَارِ هَزَّ حُشَاشَتِي

قَدْ بَدَّدَ الظُّلُمَاتَ فِي لَيْلٍ غَوَى

حَتَّى سَمَتْ رُوحِي تُجَدِّدُ عُرْسَهَا

رَفَّتْ شِغَافِيَ بِالْغَرَامِ لِتُكْتَوَى

وَالْحَرْفُ يَرْقُصُ وَالْكِتَابُ بِيَمْنَتِي

وَالْعَهْدُ لَمْ يُبْقِ عَلَى مَاضٍ سِوَى

مَنْ قَدْ دَنَا أَوْ مَنْ تَجَلَّى نَاسِكًا

مُتَلَهِّفًا كَالْغَيْثِ يُنْبِتُ مَا ذَوَى

أَنَا لَا أُلَامُ إِذَا نَظَرْتُ حَقِيقَتِي

وَمَدَامِعِي أَنَّتْ وَقَلْبِيَ قَدْ عَوَى

بِالْكَافِ كُنْ قَدْ شَاءَ يَجْبُرُ خَاطِرِي

فَوَجَدْتُنِي قَمَرًا عَلَى الْمَاءِ اسْتَوَى

قد يعجبك ايضا
تعليقات