بقلم _ نادرة سمير قرني
يعتبر يوم السادس من شهر أكتوبر يوم من أهم التواريخ في تاريخ الأمة العربية؛ إن لم يكن أعظم تاريخ في تاريخ الأمة العربية، ذلك لأن في هذا اليوم اتحدت الأمة العربية على قلب رجل واحد، مساندة ودعماً لمصر وسوريا في حربهما ضد العدو الإسرائيلي، وربما لم نرى الأمة العربية تتحد من قبل مثلما اتحدت مع مصر وسوريا في ذلك الوقت؛ حيث سعت كل الدول العربية لدعم مصر وسوريا بما لديها من إمكانيات، فعلى سبيل المثال أرسلت الجزائر سرب طائرات ميج 21 وصل يوم 12 أكتوبر تمركز في جناكليس ولم يشارك في أي أعمال قتال، وسرب ميج 17 وصل يوم 11 أكتوبر ولم يشارك في أي عمليات، ولواء مدرع وصل بأكمله يوم 17 أكتوبر تقريبًا وتم وضعه في قطاع الجيش الثالث تحت قياده الفرقة الرابعة المدرعة.
وشارك اللواء المدرع في أعمال اشتباكات مدفعية فقط ودخل ضمن تخطيط الخطة “شامل” للقضاء على الثغرة، علاوة على ذلك قام الرئيس الجزائري آنذاك “الهواري بومدين” بزيارة موسكو في نوفمبر 1973 ودفع 200 مليون دولار إلى الاتحاد السوفييتي ثمنا لأية أسلحة أو ذخائر قد تحتاج لها مصر أو سوريا بنسبة 100 مليون دولار لكل دولة.
كما برز دور المملكة العربية السعودية في حرب أكتوبر 1973، بحظر صادرات البترول للدول الغربية، وبعد لقاء الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالملك فيصل، تبرعت المملكة العربية السعودية بمبلغ 200 مليون دولار لمصر وسوريا، إلى جانب إرسال الرياض 20 ألف جندي إلى الجبهة السورية للمشاركة في الحرب ضد القوات الإسرائيلية.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد نجحت حرب أكتوبر المجيدة 1973 في تدمير معنويات الجيش الإسرائيلي والذي كان يرى نفسه أنه لايقهر، لكنهم لم يكونوا على علم أن الجندي المصري هو فقط الذي لا يقهر وإنه خير أجناد الأرض، وليس أدل على ذلك من قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «إذا فتح الله عليكم مصر بعدي فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم في رباط إلى يوم القيامة”.
إن جنود مصر على مر التاريخ اتخذوا على أنفسهم عهداً وعملاً بمبادىء العسكرية المصرية إما النصر أو الشهادة، لقد شارك جنود مصر وقادتها في حرب أكتوبر وهم على علماً تاماً بإمكانية شهادتهم وعدم رجوعهم لمنازلهم، وقد أصروا على القتال وهم سعداء..كانوا يتقاتلون من أجل السبق نحو الشهادة، وقد كان في مقدمة هؤلاء الجنود والقادة أخو رئيس الجمهورية السابق الأصغر محمد عاطف أنور السادات والذى كان طيار مقاتلات قاذفة في القوات الجوية المصرية، وقد استشهد عاطف السادات في اليوم الأول من حرب أكتوبر 1973خلال الضربة الجوية الافتتاحية للحرب، وكان سرب عاطف السادات ضمن الأسراب المشاركة في الضربة الجوية الأولى بقيادة العقيد زكريا كمال، تألف التشكيل الجوي من 36 طائرة سوخوي-7 بخلاف مقاتلات الحماية طراز ميج_21، وكانت المهمة ضرب موقع بطارية صواريخ هوك للدفاع الجوي التي تحمي مطار الميلز وخلال الهجوم على مطار المليز، سقطت أربع طائرات من السرب 52 وقُتل ثلاثة طيارين هم عاطف السادات وزكريا محروس وقائد السرب زكريا كمال، والغريب هو ردة فعل الرئيس الراحل السادات الذي تقبل الأمر بصدر رحب عندما علم أن أخيه عاطف هو أول شهيد في حرب أكتوبر وقال وقتها: أنا فخور لأن أول شهيد في أكتوبر أقرب واحد ليا عاطف السادات.
إن حرب أكتوبر لم تكن حرب عادية ولكنها كانت حرب تكتيكية تم التخطيط لها من جميع الجوانب بما ساعد على شل حركة العدو الصهيوني، وهو ما جعل جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك تقول: لن أشق على نفسى من الكتابة عن حرب أكتوبر 1973.. ولن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكنى سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسى، وسيظل باقيًا معى على الدوام
لقد كان ولازال يوم السادس من أكتوبر على مدار 50 عاماً بمثابة أسوء يوم عاشته إسرائيل وستظل تتذكره على مدار الحياة، ذلك لأن في هذا اليوم أثبت جنود وقادة الجيش المصري إنهم الأسطورة قاهري خط بارليف المنيع
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية