د. إيمان بشير ابوكبدة
على الرغم من عدم وجود تعريف رسمي لمصطلح “العصر البرونزي”، إلا أنه يشير عموما إلى الفترة الواقعة بين العصرين الحجري والحديدي. لقد كانت فترة حاسمة في تاريخ البشرية، حيث أن معظم التطورات الأولية في تطور المجتمع – مثل الكتابة والعجلة – تمت خلال هذه الفترة، وذلك بفضل الحضارات والثقافات البارزة.
الإمبراطورية الأكادية
تعرف الإمبراطورية الأكادية أيضا بأنها واحدة من أولى الإمبراطوريات في التاريخ، وهي حضارة قديمة في بلاد ما بين النهرين تأسست حوالي عام 2350 قبل الميلاد على يد إمبراطور يُدعى سرجون الأول. وفي أوجها، سيطرت الإمبراطورية الأكادية على مناطق واسعة في بلاد ما بين النهرين القديمة وأجزاء من إيران وشرق آسيا.
خلال هذه الفترة، ازدهرت طرق التجارة في جميع أنحاء المنطقة، وربطت الأسواق الناشئة بموارد من أماكن مثل مناجم الفضة في الأناضول ومناجم اللازورد – الصخور المتحولة ذات اللون الأزرق – في أفغانستان. في نهاية المطاف، سقطت الإمبراطورية في عام 2150 قبل الميلاد، مما أدى إلى فترة من التدهور الإقليمي والمجاعة والجفاف في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين.
كنعان
تشير كنعان إلى المنطقة التاريخية في بلاد الشام، والتي تتمركز في فلسطين المحتلة إلى جانب أراضي لبنان وسوريا والأردن. ينقسم المؤرخين حولها اسمها، يعتقد إنه مرتبط بحفيد نبي الله نوح عليه السلام، والبعض التجارة المزدهرة في الأصباغ الأرجوانية في المنطقة في ذلك الوقت، أو حتى المفاهيم الفلسفية للنظام والفوضى. وبغض النظر عن الاسم، فليس هناك شك في أنها كانت حضارة متميزة لها ثقافتها الخاصة.
وترجع الأدلة الأثرية وجود المستوطنات البشرية في المنطقة إلى العصر الحجري القديم، مع التركيز على أريحا – واحدة من أقدم المراكز الحضرية في العالم. بدأت مدن كنعان في الازدهار خلال العصر البرونزي المبكر حيث أنشأ الكنعانيون طرق التجارة مع الحضارات في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة مصر. كما كانت كنعان إحدى أكثر الحضارات تأثراً خلال الانهيار الغامض للعصر البرونزي.
الإمبراطورية المصرية الجديدة
ازدهرت الإمبراطورية المصرية الجديدة في الفترة من 1550 إلى 1070 قبل الميلاد تقريبًا، وكانت حقبة محورية في تاريخ مصر القديمة، تميزت بالتوسع الإمبراطوري، والملوك الفراعنة الذين لا يُنسى، والإنجازات الثقافية التي أثرت على العديد من الحضارات المستقبلية حول العالم. وقد أدى هذا العصر إلى ظهور بعض أشهر الفراعنة المصريين، بما في ذلك توت عنخ آمون ورمسيس الثاني.
وكانت أيضا المرة الأولى التي يستخدم فيها مصطلح “فرعون” للإشارة إلى ملوك مصر. إنها الفترة الأفضل توثيقا في التاريخ المصري، وذلك بفضل محو الأمية والدبلوماسية الخارجية والعلاقات التجارية التي انتشرت خلال هذا الوقت. ومع تفاعل مصر مع الدول الأخرى، أصبحت العقود والمعاهدات والرسائل المكتوبة بين الحكام ضرورية، مما أدى إلى وجود سجلات مكتوبة واسعة النطاق للفترة التي لا يزال بإمكاننا الوصول إليها حتى اليوم.
الحضارة المينوية
تعرف الحضارة المينوية أيضا بأنها واحدة من أقدم الحضارات في أوروبا الغربية، وكانت ثقافة العصر البرونزي الأوسط تأسست حوالي عام 2000 قبل الميلاد في جزيرة كريت اليونانية. كان المينويون – الذين يطلق عليهم أيضًا الكريتيون – معروفين بفنهم الفريد وهندستهم المعمارية وتأثيرهم الثقافي في جميع أنحاء بحر إيجه، مما يشكل الأساس لليونان القديمة وروما والعديد من الحضارات الغربية الأخرى.
تميزت الحضارة المينوية بمجمعات قصور متقنة ومجوهرات ذهبية وفخارية مصنوعة باستخدام تقنيات متقدمة في ذلك الوقت. مصطلح “مينوسية” صاغه السير آرثر إيفانز، عالم الآثار الذي قام باكتشافات رائدة بين عامي 1900 و 1905، تثبت وجود ثقافة كريتية متقدمة لم نعرف عنها شيئا حتى ذلك الوقت. ومن المثير للاهتمام أن الآثار لم تظهر أي علامات على وجود تحصينات عسكرية، مما يشير إلى ثقافة السلام النسبي بين المجتمعات.
الإمبراطورية الآشورية
كانت الإمبراطورية الآشورية مملكة سامية مهمة في الشرق الأدنى القديم، وكانت موجودة كدولة مستقلة من حوالي 2500 قبل الميلاد إلى 604 قبل الميلاد، وتقع في منطقة شمال بلاد ما بين النهرين وتشمل المناطق الحالية في شمال العراق وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا. وبلغت ذروتها خلال العصر الآشوري الجديد، من 911 قبل الميلاد إلى 612 قبل الميلاد، حيث غطت مساحة واسعة من البحر الأبيض المتوسط إلى بلاد فارس، ومن جبال القوقاز إلى مصر.
كانت آشور حضارة معروفة بتقدمها التكنولوجي في جميع أنحاء العالم المعروف، بما في ذلك استخدام البرونز – ولاحقًا الحديد – في صناعة الأسلحة، وتطوير شبكة واسعة من الطرق. كان المجتمع الآشوري مُعسكرًا بشكل كبير، مع الخدمة العسكرية الإلزامية للمواطنين الذكور الأحرار.
سومر
تعتبر سومر مرشحة بقوة لأقدم حضارة في التاريخ، إذ تأسست بين عامي 4500 و4000 قبل الميلاد في المنطقة الواقعة جنوب بلاد ما بين النهرين، بين نهري دجلة والفرات. بدأ الأمر بوصول قوم العبيد، حاملين معهم معرفتهم بالزراعة والتجارة والحرف، بما في ذلك علم المعادن والفخار والنسيج. أدت هذه التطورات إلى ظهور واحدة من أكبر الحضارات القديمة وأكثرها تأثيرًا حتى عام 3300 قبل الميلاد
ازدهرت سومر كمجموعة من دول المدن الملكية، بما في ذلك أوروك وأور ونيبور ، حيث عبدت كل مدينة إلهها الخاص. كان السومريون معروفين بمساهماتهم في اللغة، وخاصة اختراع الكتابة المسمارية التي سمحت بسجلات واسعة النطاق وخلق أقدم القوانين المعروفة. كما كان فنهم وهندستهم المعمارية متقدمين أيضًا في ذلك الوقت، حيث تم العثور على الهياكل الدينية الفخمة والزقورات والمنحوتات في المدن الكبرى للحضارة.