القاهرية
العالم بين يديك

سر عقدة أوديب

683

 

بقلم  _محي الدين محمود حافظ

متاهتنا اليوم عن سر عقدة أوديب ورحلة نغوص بها عبر الزمان لنفك شفرتها 

قصتنا تبدأ عندما تنبأت عرافة دلفي Delphi للملك لايوس ملك طيبة و زوجته يوكاسته أن ابنهما سيقتل أباه ويتزوج أمه. و من أجل تفادي هذه النبوءة يقرر الزوجان تسليم ابنهم إلى راعى ليحمله إلى جبل كيثايرون Cithaeron و يتركه للضواري بعد أن خرقا قدميه بإسفين و أوثقاهما، (ومن هنا جاءت تسمية أوديبوس أي المتورم القدمين اشفق الراعي على الطفل فأعطاه إلى راع آخر من كورنثة

وحمله إلى ملكها بوليبوس Polipus وزوجته العاقر فتبنياه.

ولما شب الصبي تناهى إلى سمعه أنه ليس الابن الشرعي لوالديه فذهب يستجلي الأمر من عرافة دلفي، وهناك عرف أنه سيقتل أباه ويتزوج أمه، وظن أوديب أن المقصود والداه بالتبني فامتنع من العودة إلى كورنثة وتوجه إلى طيبة. وعند مفترق الطريق صادف أباه الحقيقي لايوس، من دون أن يعرفه، ومعه أربعة رجال امروه أن يتنحى عن الطريق، ونخسه لايوس بعصاه فثارت ثائرة أوديب وضرب أباه فصرعه وقتل ثلاثة من رفاقه ونجا الرابع وأعلم أهل طيبة بما حصل.

وكانت طيبة تعيش يومئذ حالة ذعر لبلاء ألم بها، فقد حل أبو الهول Sphinx على صخرة عند بوابة المدينة وراح يتوعد كل مارٍ به بالقتل ما لم يجب عن سؤاله الذى يطرحه «ما الكائن الذي يمشي في الصباح على أربع وفي الظهر على اثنتين، وفي المساء على ثلاث؟» واستطاع أوديب أن يحل اللغز بأن أجاب: «هو الإنسان يحبو في طفولته على أربع، ويمشي قائماً في شبابه، ويستعين بعصاه كهلاً» عندما سمع ابو الهول الجواب ألقى بنفسه على الصخرة ومات، واستقبل أهل طيبة أوديبوس استقبال الفاتحين و جعلوه ملكاً لهم وزوجوه ملكتهم يوكاسته، وتحققت بذلك نبوءة العرافة من دون أن يعلم الحقيقة أحد من أبطالها.

عاش الزوجان في حب ووئام زمناً ورزقا من الأولاد ابنين وابنتين اجتازوا جميعاً سن الرشد. وفي هذه الأثناء تعرضت طيبة لبلاء جديد، فقد حل الطاعون بها وخيم الموت على أهلها فجاؤوا ملكهم الحكيم يستنجدون به، وقرر أوديب أن يرسل كريون Creon شقيق يوكاسته إلى دلفي ليستشير الآلهة فيما يفعل، وردت عرافة دلفي بأن طيبة لن تعود إلى حالها ما لم يعاقب المجرم قاتل الملك لايوس. 

وبعد تحقيق طويل، فصّله سوفوكليس ببراعة تامة يتأكد أوديب أنه هو القاتل وأن القتيل أبوه وأن يوكاسته هي أمه، وحين تتكشف هذه الحقائق كاملة تنتحر يوكاسته شنقاً، ويفقأ أوديب عينيه عقاباً، ويغادر طيبة على غير هدى وهو يتكىء على ذراعي ابنتيه أنتيڰونة وإسمينة Ismine ويستمر في تجواله وقد تحول إلى شخص أشبه بالقديس الذي تحل البركة على من يمر به، حتى يستقر في كولونوس إحدى ضواحي أثينا ويرحب به ملكها ثيسيوس Theseus ويتخذ أوديب لنفسه كهفاً يقضي فيه بقية عمره مع ابنتيه في هدوء وسكينة.

وتنتهي العبرة والغاية من عقدة أوديب.

 

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات