القاهرية
العالم بين يديك

المريض والمسجد

1٬103

د.فرج العادلي
أعجبُ من رجلٍ مريضٍ يأتي المسجدَ وهو يعطسُ أو يسعلُ، ويعتقد بهذا أنه يتحاملُ على نفسهِ من أجل صلاةِ الجماعة!، وهذا يقال له: إنك حرصتَ على ثوابِ الجماعةِ نعم، لكنَّك ارتكبتَ جريمةَ مخالفةِ أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- الذي يقول فيه

«لا يوردنَّ ممرضٌ على مصحٍ»

والمعنى: أن المريضَ لا يخالطُ الصحيحَ. خاصة إذا كان المرض مُعديا

ولا يمكن أن نحرص على فضيلة صلاة الجماعة لنقع في مخالفة أمر النبي-صلى الله عليه وسلم- لأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح كما هو معلوم.

فالأمر هاهنا واضحٌ وقاطعٌ من الذي لا ينطقُ عن الهوى، وبهذا يكون الأمر من قبل الله جل في علاه، فمن يظنُّ حينها أنه يتحاملُ على نفسه من أجل الثوابِ، نقول له: لا. بل أنت من المخالفين لأمرِ اللهِ، وأمرِ رسولهِ- صلى الله عليه وسلم-

قال الله تعالى ﴿… فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾

فأنت بين الفتنةِ، والعذابِ الأليم، يا من تظن أنك من الحريصين على طاعةِ ربِ العالمين، فكيف نجلب الثواب بمعصية من يُثِيبُنا

كذلك فأنت من المستهترين بأرواح المصلين؛ لأنك تخالطُهم وأنت تعرفُ أنك ربما تصيبُ رجلًا منهم فلا يسلم منها لكبر أو لمرضٍ أو لضعفٍ.

وللأسف بعضنا يتحاملُ على نفسهِ ليأتي المسجد رياءً عياذا بالله حتى يقال ياله من رجلٍ حريصٍ على الجماعةِ

وإنما حُكِمَ عليه بهذا الوصف لأنه أقيمت عليه الحجة بالحديث السابق ثم خالفه!،
ولو كان صادقا في محبة الله تعالى لسمع النصيحةَ وامتثلَ أمرَ اللهِ وأمرَ نبيهِ حتى يشفى بإذن الله، لكنه لم يفعل!.

أخيرًا: لو صليت في بيتك لأخذت ثواب الجماعة كاملا، لأنك معذور، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا)؛ رواه البخاري.

والمعنى: ﺃﻥ الإﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻤﻼً ﺻﺎﻟﺤًﺎ، ﺛﻢ ﻣﺮﺽ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻪ الأﺟﺮ ﻛﺎﻣﻼً

كذلك لم يكن ليقع في إثم المخالفة وتعمد الإضرار بالخلق في أطيب البقاع (المساجد).

قد يعجبك ايضا
تعليقات