القاهرية
العالم بين يديك

لا تتزوجي الشاب البُوهة

1٬322

فرج العادلى
يقول امرؤ القيس الشاعر الجاهلي الشهير:

أيا هند لا تنكحي بُوهةً * عليه عقيقتُه أحسبَا
مُرسَّعةٌ بين أرساغه * به عسمٌ يبتغي أرنبا»

بداية أقول: لا يختلف اثنان، ولا تنتطح عنزان في أن امرأ القيس هو أشعر العرب على الإطلاق، حتى قال فيه الفرزدق الشاعر الأشهر:«كان الشعر جملاً فنحر فجاء امرؤ القيس فأخذ رأسه».

يعني أخذ أجود أو أفضل ما في الشعر، لأن الرأس أشرف أعضاء البدن لاستقرار العقل والحواس المهمة فيه.

وقال جرير الشاعر الكبير المعروف :«اتخذ الخبيث الشعر نعلين » يقصد امرأ القيس
وهذا دليلٌ على قوة تمكنه من الشعر حتى صار كأنه نعلٌ يلبسه، وقتما يشاء دون مبالاة أو تفكر أو عناء في كتابته وصياغته مع شدة روعته وبلاغته وحكمته.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في امرئ القيس:«إنه يقدم بلواء الشعر إلى النار».
وهو يدل على عظم شأنه في الشعر، وإن كان الحديث ضعيفا إلا أن الواقع يشهد له، ويعضده.

وقال علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-:«رأيت امرأ القيس أحسن الشعراء نادرة وأسبقهم بادرة وأنه لم يقل لرغبة ولا لرهبة»

وكان كذلك أعلم الشعراء بالنساء، ولذلك حينما يوجه للنساء أو للفتيات نصيحةً فعليهن أن يعرنه السمع والقلب والعقل..

نعود للبيت:
وهنا يوجه امرؤ القيس نصيحةً إلى الفتيات فيقول: لا تتزوجي بوهةً

والبوهة: هو الرجل الضعيف الطائش، وقيل الأحمق.
والضعيف: هو الذي لا يملك نفسه عند المُغريات، أو المُلمات المفزعات، ولا يستقل برأيه فتراه دائما يتبع غيره.. خاصة النساء من قومه.

أما المغريات: فلا يصبر مثلا عن شيء يغريه أيّا كان سواء كنَّ نساء، أو أموال، أو طعام أو غيره… فتراه يلهث خلف كل شيء يلمع أمامه ولا يبالي بالثمن.

وأما الملمات: أي لا يملك نفسه عند المصائب، فتراه يهلع أو يجزع أو يشتد خوفه، ولا نقصد الخوف العادي الذي يستطيع معه التصرف، أما المقصود فهو الجبن الظاهر.

وأما التابع: أي الذي لا تكون كلمته من رأسه، بل إما أن يتبع أمه، أو زوجه، أو صديقه.

وأما الأحمق: فهو الذي لا يحسن التصرف في الأمور خاصة الكبار، ولا يحمل همَّ الغد، ولا يحسب له حسابًا، ولا يحسن معاملة المرأة، ولا يراعي ما ينبغي أن يكون في التجمعات، أو في العزلات، ولا يحسن التصرف في ماله، وعياله… والأهم علاقته بربه.

وهذا كله يظهر عند المعاملة معه حال الخطبة.

هذا وقد وضع امرؤ القيس بعض العلامات لهذا الشاب، منها:
١- أنه عليه عقيقته أحسبا.

ومعنى عليه عقيقته: أي ما زال عليه الشعر الأصفر الذي يولد به الطفل، ومعناه أنه لا يهتم بالنظافة الشخصية. كما قال القتيبي.

٢- يلبس مرسعة
أي يلبس التميمة، أو الحظاظة في يده، سواء للزينة أو لمخافة الحسد، أو لأي شيء آخر، المهم أنه يميل للأمور التافهة، أو هو شديد الخوف والهلع حتى إنه ليحتمي بالتميمة وغيرها

وعليه
أكرر فأقول: لا ينبغي للفتاة أن ترتبط برجل ضعيف لا يملك نفسه عند الغضب، أو عند المغريات، أو عند المدلهمات، أو تكون كلمته دائما من رأس غيره، أو لا يهتم بنظافته الشخصية، لأنها ستتقزز منه، وتبغض رؤيته فضلا عن مخالتطته المعروفة حال الزواج وهذا بدوره يجر للفساد.

كذلك لا ينبغي أن تقترن بصاحب قصات الشعر، والحظاظات، والموضات، والأمور التافهة، لأنها لن تشعر معه بأمان أو اطمئنان حتى وإن أعجبها ذلك حال الخِطبة لصغر او لسفه، فالمرأة في النهاية تحتاج لجبل تستند عليه حال الشدة، ولأسدٍ يحرسها حال الخطر، فهي تحب أن تكون معه كطفلة تلعب بجوار والدها مطمئنة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات