القاهرية
العالم بين يديك

نزول بعض آيات القرآن فى السيدة حفصة بنت عمر

141

 

د/ زمزم حسن

نزلت في حفصة الآيات الأولى من سورة التحريم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ . وقد اتفق المُفسِّرون أن حفصة هي المقصودة بقوله: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ﴾. واختلفوا في الأمر الذي ذكره النبي سرًا لها ثم نبَّأت حفصة به على ثلاثة أقوال، فقالوا أن الأمر إما تحريم النبي العسل على نفسه وهو الأشهر، وإما تحريم النبي مارية على نفسه، بينما ذكر البيضاوي، والآلوسي، قولًا ثالثًا هو أن النبي أخبرها أن الخلافة بعده لأبي بكر وعمر، فأفشت ذلك لعائشة. قال البيضاوي: «وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه -يعني حفصة- [حديثا] تحريم مارية أو العسل، أو أن الخلافة بعده لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما [فلما نبأت به] أي فلما أخبرت حفصة عائشة رضي الله تعالى عنهما بالحديث [وأظهره الله عليه] وأطلع النبي عليه الصلاة والسلام على الحديث أي على إفشائه [عرف بعضه] عرف الرسول صلى الله عليه وسلم حفصة بعض ما فعلت [وأعرض عن بعض] عن إعلام بعض تكرما، أو جازاها على بعض بتطليقه إياها وتجاوز عن بعض».

 

أمَّا القول الأول فهو الأشهر لما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما عن عبيد بن عمير قال: «سمعت عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يمكث عند زينب بنت جحش، ويشرب عندها عسلًا، فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي ﷺ، فلتقل إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير، فدخل على إحداهما، فقالت له ذلك فقال: لا بل شربت عسلًا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له». فنزلت ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ لعائشة وحفصة، ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ لقوله بل شربت عسلًا.

 

أمَّا القول الثاني، فقد ذكر الشوكاني في فتح القدير أن النبي محمدًا قد أصاب جاريته مارية القبطية أم ولده إبراهيم في غرفة زوجته حفصة، فغضبت حفصة وقالت «يا رسول الله لقد جئتَ إليَّ بشيء ما جئتَه إلى أحد من أزواجك، في يومي وفي دوري وعلى فراشي»، فقال: «أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أُحَرِّمَهَا فَلا أَقْرَبُهَا أَبَدًا؟» فقالت حفصة: «بلى» فحرَّمها النبي على نفسه، وقال لها: «لاَ تَذْكُرِي ذَلِكَ لأَحَدٍ»، فذكرته لعائشة. فنزلت أوائل سورة التحريم، فكفّر النبي محمد عن يمينه، وأصاب مارية.

قد يعجبك ايضا
تعليقات