القاهرية
العالم بين يديك

أم المساكين زينب بنت جحش

181

 

د/ زمزم حسن

زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشِ (وُلدت في مكة سنة 32 ق.هـ – وتُوفيت في المدينة سنة 20 هـ أو 21 هـ) هي إحدى زوجات النبي، وابنة عمته أميمة بنت عبد المطلب، وإحدى أمهات المؤمنين. وُلدت في مكة قبل الهجرة بـ 33 سنة ونشأت بها. أسلمت قديمًا، وكانت من أوائل المهاجرات إلى المدينة المنورة، وكانت متزوجة من زيد بن حارثة.

 

تزوجها النبي بعد طلاقها من متبنَّاه السابق زيد بن حارثة، بعد أن أجاز الوحي زواج الرجال من زوجات أدعيائهم، فيما يعده المسلمون زواجًا بأمرٍ من الله، فكانت زينب تفخر على نساء النبي وتقول: «زوجكنَّ أهليكنَّ وزوجني الله من فوق سبع سموات».

 

شَهِدَت غزوة الطائف وغزوة خيبر، وشاركت في حَجَّة الوداع، ولم تَحُجَّ بعد وفاة النبي، ولزِمَت بيتها حتى تُوفِّيَت. وكانت وفاتها في المدينة المنورة سنة 20 هـ، وقيل 21 هـ، وكانت أوَّل زوجات النبي لَحَاقًا به، وصَلَّى عليها عمر بن الخطاب، ودُفِنَت بالبقيع.

 

عُرِفَ عن زينبٍ حبُّها للخير وكثرة تصدُّقها، حتى عُرفت بـ «أُمِّ المساكين»، وكانت زاهدةً في الدُّنيا. وقد روت عن النبي طائفةً من الأحاديث، وروى عنها ابن أخيها محمد بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وكلثوم بن المصطلق الخزاعي، وأم حبيبة، وزينب بنت أبي سلمة.

 

أسلمت زينب بنت جحش قديمًا وبايعت، ولم تذكر كتب التراجم قصة إسلامها، قيل بأنها هاجرت إلى الحبشة، ثم عادت إلى مكة، حيث ورد في كتاب «شهداء الإسلام في عهد النبوة» ما نصه: «وكان على رأس بني جحش عبد الله بن جحش سيد الحي، دعا رسول الله دعوته فآمن به قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم ثم أمرهم رسول الله بالهجرة إلى الحبشة فهاجر هو وأخوه أبو أحمد وأخواتهما زينب وحمنة وأم حبيبة ثم حين عادوا إلى مكة أمرهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالهجرة إلى يثرب فهاجر الحي بأكلمه، من ذهب منهم إلى الحبشة ومن لم يذهب».

 

بينما استبعد البعض أن تكون زينب قد هاجرت إلى الحبشة، بسبب عدم وجود أي دليل أو رواية تثبت صحة ذلك، كما لم يرد اسمها ضمن أسماء المهاجرين، وقيل بأنها بقيت في مكة وقت هجرة المسلمين إلى الحبشة. وقد هاجرت إلى يثرب بعد هجرة النبي إليها، وكانت من المهاجرات الأُوَل.

 

يُروى أنَّ زينب تقدم لخطبتها رجال من قريش، فأرسلت زينب إلى النبي تستشيره، فاختار لها النبي زيد بن حارثة زوجًا، فقالت: «أنا ابنة عمتك يا رسول الله، فلا أرضاه لنفسي»، فأنزل الله: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾، فأرسلت زينب إلى النبي، ورضيت بذلك، وجعلت أمرها للنبي، فزوجها من زيد بن حارثة، وساق لها رسول الله عشرة دنانير، وستين درهمًا، وخمارًا، ودرعًا، وإزارًا، وملحفة، وخمسين مُدًّا من طعام، وثلاثين صاعًا من تمر. وكان هذا الزواج مثالًا لتحطيم الفوارق الطبقيَّة الموروثة قبل الإسلام، إذ إنَّ زيدًا -وهو أحد الموالي- تزوّجَ زينبَ التي كانت من طبقة السادة الأحرار.

 

مكثت زينب عند زيد قريبًا من سنة أو فوقها، ثم وقع بينهما الخلاف، فهمّ زيد بتطليقها، فردّه النبي قائلًا: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ»، ثم طلقها زيد. قال أبو بكر بن العربي: «إنما قال عليه الصلاة والسلام لزيد أمسك عليك زوجك، اختبارًا لما عنده من الرغبة فيها أو عنها، فلما أطلعه زيد على ما عنده منها من النفرة التي نشأت من تعاظمها عليه أذن له في طلاقها».

قد يعجبك ايضا
تعليقات