كتب/ مصطفى حشاد
تركت عش الزوجية وذهب لبيت والدها بعد مشاجرات عديدة مع زوجها آخرها بسبب ضربه لها وشربه للمخدرات, واجبارها على الشرب معه لتترك له المنزل مستنجده بأخواتها, ليقوم بإنشاء حيلة مكر منه ويتفنن فى قصه يزعم أنه “قد تعرض لحادث” ليستخدم اسلوب العطف والحب ويتصل بها لتأتى إليه.
تأتى “دنيا” صاحبه الـ25 عاما مسرعة لكى تطمأن على زوجها وأبو أولادها, ولكن تلقى مسيرها الموت على يده بطعنات غدر فى ضهرها وأمام أعين أطفالهما الذى يبلغ أكبرهم “مسعد” سن الـ7 سنوات ليرى مشهد مقتل والدته على يد والده المشهد الذى لم ينساه طوال حياته, قائلا لجدته لوالدته: “يا تيتة بابا ضربها بالسكينة ورا ضهرها، وقلت له: حرام عليك، سيبها، وعيطت، وقلت له: عايزين ماما، قام ضربها تانى فى ضهرها”، وأثناء استكماله تفاصيل اللحظات الأخيرة فى حياة المجنى عليها، قال: “بابا جاب البندقية، وضربها على ضهرها ودماغها جامد” لينهار الطفل بالبكاء أثناء وصفه لمشهد الجريمة.
لم ينتهى “محمود” قاتل زوجته الذى يعمل فى مهنة “الجزارة” من فعلته هذه فقط بل قام بالإتصال بشقيقة زوجته وقال لها: “مراتى أُغمى عليها تتصرفى وتيجى”, واستعان بصديقه لتجريد المجنى عليها من ملابسها وغسلها بالماء، محاولًا إزالة آثار الدماء، لتُحمل الضحية إلى المستشفى، ويؤكد الأطباء وفاتها، وعلى وقع الصدمة أُطلقت صرخات السيدات من أقاربها، وبينهن والدتها، التى أمسكت بملابس زوج ابنتها لتشير إلى الشرطة: “ده الى قتلها” بكل صرخات تعلو واحده تلو الاخرى، ليتم ضبطه ويعترف بارتكابه الجريمة.
محيط المستشفى تحول إلى ساحة عزاء. أم “دنيا” تمسك فى ملابس زوج ابنتها، وتقول: “ده اللى قتلها”، فيعتدى عليها، ويجرجرها من شعرها على الأرض، وكاميرات المراقبة تسجّل الواقعة، مع إخطار الأطباء لشرطة النجدة بما حدث، وقبل هروبه كانت قوة أمنية تتحفظ عليه، وأهل المجنى عليها يتجمهرون حول سيارة الميكروباص، وبداخلها المتهم، وتمنعهم المباحث من الاقتراب، وتتوجه به إلى القسم.
نساء يتشحن بالسواد أمام منزل أهل “دنيا” الذى يقع فى القناطر الخيرية بالقليوبية. بكاؤهن على صاحبة الأم لـ3 أطفال، أصغرهم سنتان، ضحية زوجها “محمود”، يصرخن بكل حرقة دم.
وداخل منزل أسرة الشابة العشرينية، ربة منزل التى راحت ضحيه غدر لزوجها, تتوقف أختها “نورهان” أمام حائط عليه صورة معلقة تجمعهما، لم تتخيل أن تعيش شقيقتها عمرًا قصيرًا، وأولادها يصبحون يتامى تردد عبارات: “أمهم ماتت، وأبوهم فى السجن!”، وتسألها إحدى السيدات عن سيناريو الجريمة مندهشة: “إزاى جوزها قتلها وهى بتحبه؟!”، تقول لها: “كلمنى فى التليفون، رحت على بيته، لقيته مع واحد صاحبه بيدلقوا عليها مية، وجاب حقنة أعصاب، وحقنها بيها، فاكر إن عندها تشنجات”، أنفاسها تتقطع، وتتوقف، ثم تحكى: “سابنى وجرى، كان عايز يلبِّسنى الجريمة، بس صرخت جامد، والأهالى اتلموا، وكانت الساعة بعد منتصف الليل، ونقلناها للمستشفى، وحضر معانا وأختى كانت ماتت”.
النيابة العامة استمعت إلى أقوال الطفلة “فرحة”، 6 سنوات، ابنة الضحية، والتى روت مضمون رواية أخيها الأكبر “مسعد” ذاته، ومنذ وقوع الجريمة والصغيرة مع أختها “قمر”، “سنتان”، فى حالة ذهول، تجلسان وسط النساء، وترددان معهن كلمات العديد والنواح دون استيعاب.