القاهرية
العالم بين يديك

القاسية قلوبهم

358

كتبت سها نافع

 

يفقد شريكة حياته ويعيش أيامًا صعبة مع ابنته ، تتعاقب الأيام في بطءٍ شديدٍ حتى تهدأ الفاجعة ويتأقلمان معًا مع مرور الأيام على هذا الوضع الجديد ، وتتخذ الأبنه مكانة أمها محاولة أن تملأ هذا المكان حبًا وأرضاءً لوالدها وهي تعتصر المًا على فراقها وصعوبة الدور الذي تقوم به فيعتاد الأب على ذلك و يزيدها حبًا إلى أن يتحول هذا الحب إلى أنانية.

فعندما طرق بابها من يرضون خلقه ودينه قوبل طلبه بالرفض بل والطرد ، وكسر قلب ابنته وحطم آمالها وأبسط حقوقها في الحياة وحرمها من مجرد التفكير في أن تكمل ما تبقى من عمرها مع من يختاره قلبها .

وكلما نظر إليها وجدها شريدة الذهن ، حزينة العينين ، شاحبة الوجه ، مكسورة النفس.

ولم يحرك كل هذا له ساكن.

 

 

تحرم أبنتها بعد أن أصبحت موظفة في مكان مرموق وتأخذ منها كامل راتبها و حافزها وكل مكافآتها وتقطر عليها من مالها وتعطيها من حقوقها في أبسط وأضيق الحدود ويتسع تفكيرها في أن تحرمها من مواصلة العيش مع الآخرين بالتفاعل والتواصل الاجتماعي بشتى صوره كي تُضييق عليها فرص الأختلاط فلا تقع عينها على من يرضاه قلبها ولا تقع عيون الآخرين عليها.

وتظل هكذا حتى تذبل أمام عينها وتنحصر فرصتها في الزواج بل وتتلاشى.

ولا يحرك كل هذا لها ساكن.

يرفض أن يعطي أخوته من ميراث والديه لإنه كان في كنفهن الأبن المدلل صاحب الكلمة المسموعة حتى لو كانت تحيد عن الحق ، أفسده الحب الزائد والتدليل المُبالغ فيه والبُعد عن الدين فأمتلأ قلبه بحب المال فطغى.

أو يرفض أن يعطي أبناء أخوه من ميراث أبيهم ويعيش هو في ترف ونعيم متمتع يتركهم يواجهون شظف العيش مُنغَصين يقترضون ممن حولهم ويمدون أيديهم في حياء ويذلون أنفسهم لقضاء حوائجهم وقوت يومهم والمال مالهم.

ولم يحرك كل هذا له ساكن.

 

 

تهجره فجأة دون إبداء أي أسباب أو مبررات.

أو يهجرها فجأة بلا مقدمات تاركًا لها الأبناء ، تجوب الشوارع والأحياء بل وتطرق أبواب البيوت تحاول أن تسمع عنه ولو كلمة تطمئنها ، تطفىء نارها ليهدىء بالها ولكن دون جدوى ويتركها تصارع أمواج الحياة

وهو يعلم مدى مُصابها وألمها وفَاجعتها.

دون إن يحرك كل هذا له ساكن

 

 

 

يطلبون من أبنائهم أن يرعونهم لإنهم مأمورون بذلك ، ومن هذا المنطلق يعتصرونهم ويسببون لهم ضرراً نفسيًا من شدة الأنانيه وقلة التقدير والتحكم في المصير فهم الآباء الذين سهروا وضحوا من أجلهم متناسين أنها رسالتهم في الحياة سيسلمونها لأبنائهم كما تسلموها من أبائهم ، وهم على يقين أنهم متضررين من قسوة قلوبهم يتضررون نفسيًا وعصبيًا من شدة ما يقع عليهم من أوامر وقرارات.

أو يجحد الأبناء على آبائهم بعد أن منحوهم كل الحب والسلام والأمان متناسين أنهم أفنوا حياتهم وأعمارهم وصحتهم وأموالهم كي يرونهم خير البشر يشار عليهم بالبنان ، فلم يرحموا دموعهم ، وقلة ضعفهم ، وشدة احتياجهم لا لأموالهم بل لدفء أحضانهم و يذرفون دمًا من شدة الشوق والحنين إليهم.

ولم يحرك كل هذا لهم ساكن.

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات