بقلم/ سالي جابر
عزيزي، طقس اليوم رائع جدًا مثلك حينما تنجز شيئًا وتكون فخورًا به، مثل أول يوم ذكرت اسمي في رسائلك.
مزهرة الأشجار، وأمواج البحر هادئة… أتعلم يا عزيزي، أن الحياة هنا بجانب البحر تريح الأعصاب، حينما تغضب تقص حزنك إلى مياه البحر؛ فتتلاطم أمواجه. وكأنها تشاركك حزنك وأساك.
كلما أمر بجانب البحر أتذكر مطران حينما أراد أن يلطف نيران هوائه فجلس يشكو للبحر سقم قلبه، وهجر محبوبته .
فقال: شاكٍ إلى البحر اضطراب خواطري فيجيبني برياحه الهوجاء…ثاوٍ على صخر أصم وليت لي قلبا كهذه الصخرة الصماء ينتابها موج كموج مكارهي ويفتها كالسقم في أعضائي.
كلما خشيت الوحدة جعلته جليسي وصديقي الذي لا يخيب ظني، يمنحني الحب، موسيقى موجه الهادئة تبعث الحنين في قلبي. لا أعلم إلى ماذا لكني أشتاق، وأول ما أشتاق إليه هو أنت.
متى ستأتي إلى هنا ونقص عليه أحلامنا، والفقد الذي نعانيه حين البعد، وتقص أنت على قلبي ماذا تشعر حينما تغضب منه.
ما أجمل لحظات الهدوء مع من نحب! وما أجمل الحياة معك! أتعلم يا عزيزي أنني كلما اشتقت إليك ذكرتك عند البحر، وفي دعائي، ولا أرى جمالًا للحب سوى أن تدعو لمن تحب.
أتعلم يا عزيزي، لماذا نصمت ونحن بجانب البحر؟ نحن مأخوذون بسحره، هدوئه، حبه، وجماله… وربما نفكر كيف يحررنا من الخوف والحزن، ويسعد قلوب الأطفال، وكيف يحطم قلب أم حين يخطف منها وليدها؟ أهو البياض المنغمس في السواد؟ أم هو السيف الذي أُخَرج من غمده ليبكينا على الأطلال؟ أهو الذكرى الباقية في قلب محب إلتقى عنده لأول مرة بمحبوبته، أم هو اللقاء الأخير بين قلبين أرادا الافتراق؟
هو جميعهم، الذكرى التي تغزو القلوب وتترك بصمتها، ألم تقل لي حينما أشتاق إليك أرسل إليك محبتي مع أمواجه؟
أنا هنا أكتب اسمك على رماله كطفلة صغيرة، ولكنك دائم القول لي يا طفلتي؛ فأفرح به لكن الموج يمحوه، وأسمع موجة تقول لي: الخلود ليس على رمل البحر، ربما على صخره الذي مهما توالت عليه الأمواج لا يُمحى إلا حينما تريدان.
أسمع يا عزيزي رسالة البحر إليك، فإنها غير كاذبة.
طفلتك المدللة التي تدعو لك.