القاهرية
العالم بين يديك

موج البحر

197

سامح بسيوني
يا موج البحر العاتي، أخبر حبيبي بأن الحب مازال ساكن في الأعماق والوجدان، أخبره عما مضى من سالف الدهر والزمان، وأخبره بأن الحنين لا يفارق الخاطر والبال.

جئت من بعيد؛ لتذكرنا بماض جميل مليء بالٱمال وبالأحلام، ولكن أخذته معكَ؛ لتعيده في أعماقكَ؛ لنبحث عنه في شبكة الأحلام.

صوت خريركَ يأخذنا لعالم الأمنيات، ومراكب الأحلام تسير فوقكَ بأمان.

وهدأ الموج مع نسمات الفجر، وعبير الأشواق وأشرقت شمس مليئة بالأحلام؛ فأعطت للنفس شعورًا عظيمًا، فأصبحت الروح أكثر هدوءًا غارقة في السحر والجمال.

يا موج البحر، أخبر البائسين بأن عودتكَ مجددةً للٱمال رغم كثرة الغيوم والضباب.

أيها الموج العاتي، أخبر المصابين بالأقدار بأن الله ولى الصابرين على الأحزان، ونبه بأن الصياد لن ينال من الأسماك إلا بمزيد من الصبر والإيمان.

وقم للغارقين في الأحلام؛ فأيقظهم بصوتك الرخيم واعد عليهم نسمات من الٱمال.

موجتي، لا تضطربي بشدة؛ فتزعج أهل الهوى في مرقدهم، وكوني رفيقة بهم فقلوبهم لا تحتمل الٱلام.

فأخذت قلبي معكَ إلى شاطئ الذكريات عندما كنت طفلًا أبني بيوتًا من الرمال؛ فتأتي فتهدم ما بنيته فلا حزن ولا اتضجر بالٱلام، ولكن ضحكات مليئة بالبراءة ومعها سذاجة الطفولة المليئة بالحب والوئام.

جئت من بعيد؛ لتذكرنا بزمن الصبا والشباب، وكنا نلهو على شاطئكَ بلا ملل أو كلل أو حرمان، أيام لم نعرف منها سوى الحب والضحكات.

أيها الموج العاتي، لماذا اضطربت بشدة؟ وأيقظتني من عالم الذكريات وحنين الأشواق فرجعت إلى حالي المليء بالأحزان على ما وصل إليه الإنسان من كدارة الأيام الممتلئة بالهموم والأكدار.

لا تتركيني مرة ثانية، وخذيني معكِ مرة ثانية إلى عالم الذكريات؛ ذكريني بقصص الٱباء والأجداد، وتساقط الرطب من النخيل على شاطيء الأحلام ذكرني بماض جميل مليء بالوفاء والإخلاص.

أناديكَ وأستخلفكَ بمن سخركَ لنا أن ترسل لنا سفينة النجاة.
يا موج البحر، قل لسفنكَ المحملة بالحب والوئام ارسِ على شاطئ الإنسان؛ ليعيد منه الإنسان فهناك فقير يحتاج إلى عطف وحنان، وهناك بائس ينتظر سفينة النجاة، وشاب فقد الأمل في الحياة، وفتاة تبحث عن عفاف وحياء بعدما زادت الفحشاء، ومريض يمد يده؛ للننقذه من براثن المرض لنعيد له الحياة، ومظلوم عاش على أمل أن ينتصر من ظالم ملأ الحياة طغيانًا وكفرًاوعربدًا تملأ الحياة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات