العالم بين يديك

فن اختيار الألفاظ

98

كتبت/رانده حسن
إختصاصى نفسي

هل اختيار الألفاظ فن ؟!
عندما يقرأ أحد العنوان يشعر بأننى أزايد، لكن حقيقة الحياة أن هناك كلمة واحدة قد تدخل شخص قبره .
نعم قد يموت بسسببها، فلا أبالغ حينما أقول أن الكلمة مفتاح القلب وأن الكلمة مفتاح القبر .
ألم نسمع عن من مات حزنًا وقهرّا، ألم نسمع عن أشخاص قد ناموا بعد حزن شديد وتوفوا إلى رحمة الله تعالى، لماذا لا نسأل أنفسنا من أين جاء الحزن والقهر وبكاء القلب قبل العين، من كلمة سمعها أو قيلت لهم ؟
إن التعامل مع الآخرين يتطلب منا الرفق ببعضنا البعض، دعونا نرجع إلى كتاب الله تعالى عندما قال عن حبيبه: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” ( سورة أل عمران 159)

من رحمة ربنا أنه أرسل إلينا إنسان قبل نبوته الشريفة، بمعنى أنه هناك من يقول لأنه رسول أخلاقه حميدة، لكن الواقع أنه إنسان قبل النبوة، لا يسب ولا يلعن ولا يشتم ولا يقاتل أحد وهنا القتال اللفظي أقصده عن القتال الاشتباك بالأيدي، لأنه لم يؤذي أحد قط طوال حياته
ويقال لنا منذ بداية الإسلام لكم فى رسول الله قدوة حسنة، لكن هل نعمل بها ؟!
(إلا من رحم ربى)
دعونا نرجع لواقعنا المرير، نعم المريض المرير المليء بتصرفات وأفعال وكلام فئة شاذة أصبحت فئات المجتمع العربى بل والغربى، وحاليا تدعي التنمر وهو لفظيا أو فعليا بالقول أو الفعل
ولكن الكلمات قد تكون أكثر إيذاءً من الفعل، لأنها تدخل للروح تهلكها حزنا ووجعا وقهرا فتودى بصاحبها إما إلى مرض شديد أو موت أكيد.
لماذا لا نختار الكلمات الدلالية فى المواقف؟ لماذا لا نختار ونحسن إختيار الألفاظ والمعاني والبيان للكلام عندما نقوم بحوار مع الآخرين؟
لماذا يفرح الآباء والأمهات عندما يقوم الطفل الصغير الذى لا يتجاوز الأشهر بشتم أحد ولا أخفى سرا الجملة الشهيرة واسألكم عذرا (تف على عمو ) ما المضحك فى هذا ما المفيد فى هذا، لماذا لم يقول( له سلم على عمو ) مثلا أو تعال أتلو عليه آية أو قصة أو كلمة جديدة تعلمها ، بداية من السن الصغير يعود الأهل أطفالهم على إيذاء الآخرين وضحكهم ثناء وشكر على ماقاموا بفعله يكبر الصغير ويشب على أنه عادى وطبيعى أن أسب فقدوتى أبى وأمي منذ صغرى شجعونى على إهانة الآخرين، ألم نسأل أنفسنا يوما (عمو)هذا الذى قام الصغير بإهانته ما إحساسه وهناك طفل لا يتجاوز ركبته يهينه بمسمع من الأهل هل هذه هي التربية التى تخرج لنا جيلا جديدا؟
لماذا لم نعلم أولادنا منذ الصغر كيفية إختيار الألفاظ والكلمات العذبة الرقيقة التى لا تجرح الآخرين ونعلمهم أن الكلمة كالسهم تغرس فى القلب والروح، فينمو حبا أو ينمو كرها شديدا أو موتا محققا.
عندما تسمع أذان الصغار منذ نعومة أظافرهم الكلمات التي تخرج من فم الأم والأب والمحيطين بهم فهم كالإسفنجة يمتصون الأفعال والأقوال والتصرفات
عندما يرى أو يسمع أحد يقول لفظا خارجا أو غير لائق وهنا الأهم، يجد من ينهاه عن هذا القول هنا ينتبه الصغير أن هناك كلمات تقال وكلمات لا تقال، يربى على أن هناك كلمات نستطيع أن نتعامل بها وكلمات لا، حتى لا نجرح الآخرين لماذا ؟
لأنه ببساطة إنسان لديه الإحساس والمشاعر والروح الضعيفة التى تحزنه داخليا على الرغم يظهر العكس خارجيا حتى تمرضه أو تهلكه .
دعونا نقوم بدعوة طيبة نقوم بها جميعا وليكن فيها شعارنا ابدأ بنفسك، عندما نسمع لفظا خارجا أو موقفا خارجا لا ندعه يمر حتى نعلم صغارنا سلبياته، حتى لا يتعلموا هذه الألفاظ والمعاني البذيئة، دعونا لا نترك مجالا لمتصيدى الكلمات المخزية والنقد الهادم يتوغل إلى نفوسنا ونفوس صغارنا إن الكلمة ومعناها لابد لها من أن تكون مفتاح العقل والقلب والروح؛ ليستطيع الإنسان أن يحيا معتزا بكرامته ولا أحد يهينه، قال تعالى” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” . الإسراء 70

قد يعجبك ايضا
تعليقات
%d مدونون معجبون بهذه: