بقلم دكتورة سلوى سليمان
تجلى الاهتمام في الآونة الحالية بتنمية الوعي بسبل مختلفة لما له من أهمية بالغة في تصحيح ما رسخ في العقول من مفاهيم مغلوطة، فغياب الوعي يهدد وجود الدول والأفراد، وهذا ما أجمع عليه خبراء وباحثين، مشيرين إلى أن النهوض بالمجتمع يتطلب تكاتف المثقفين مع مؤسسات الدولة مؤكدين أن تغييب الوعي سلاح مستتر فاتك والسبيل في ذلك نشر كميات كبيرة جداً من الأكاذيب والشائعات , لتضيع وسطها الحقائق، بالإضافة إلى ذلك الاستمرار في عملية الكذب، ونشر الأفكار البالية والمتطرفة لخلق نوعاً من البلبلة , وتوجيه الأفراد وفق هدف بعينه.
وبالأحرى يجب أن نواجه محاولة تزييف الوعي بشده بغية ايقاظه، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تزيده غموضاً، وتحجب مصداقية؛ وذلك من خلال سبل كثيرة ممكنة كخطاب ديني أو برنامج توعوي أو ندوة تثقيفية.. إلخ، بالإضافة الى رفع مستوى الوعي السياسي بالقضايا المختلفة لوقف عملية استنزاف عقول البشر وخداعهم، ومما لا شك فيه أن تنمية الوعي تبدأ من الأسرة وللمرأة الواعية دور حيوي وفاعل في في مسألة النهوض بالوعي المجتمعي لأنها صمام الأمان ونواة المجتمع، فلها دور كبير في المشاركة المجتمعية لنشر الفكر الإيجابي داخل الأسرة من خلال المشاركة في بناء وإعداد مواطن جيد، ولن يتم ذلك إلا إذا اهتمت المرأة بالثقافة والاطلاع لطرق وأساليب التربية الحديثة واكتشاف مهارات أبنائها والعمل على تطويرها وبذلك نخرج من قالب جامد يتمثل في كليات القمة وكأنها السبيل الوحيد لصناعة مستقبل أبنائنا إلى فكر أرقى لفهم الذات وتنمية الشخصية والاستفادة من قدراتها للنمو المجتمعي.
إننا حقاً ننشد تشكيل عقول واعية ومجتمع أكثر وعياً مما سبق، ومن الأجدى لنا أن نحارب فساد فكري بفكر إصلاحي تنموي فمعركة الأمم الحقيقية هي معركة فكر- انشقاق فكري مجتمعي – فالغرض هو احتلال العقول لعرقلة التقدم، وعلى قدم وساق لابد أن تتضافر سواعد كل الفئات وعقولهم لتنمية وعي هادف.
ومن الأهمية بمكان أن تراقب كل أم ما يشاهده أبنائها من مواد اعلامية ودراما وما يستخدمونه من وسائل التواصل الاجتماعي حيث يكمن الخطر والسيطرة والتحكم في وعي الأبناء, وذلك من خلال عمل حوار مفتوح معهم دائم ومستمر لاستنباط الفكر الذي يؤمنون به وتحديد المنصات التي يتابعونها للإدراك السريع لما يغذي عقولهم وحمايتهم من خطر سيطرة الأفكار الفاسدة علهم.
وبالتالي أخذ عقولهم إلى منطقة أخرى تتسق مع ما يحدث من تنمية وتطوير للبلاد وتنمية وعيهم بذلك وتشجيعهم على المشاركة في مبادرات لتأكيد أهمية دورهم في هذا المجتمع وتحقيق مكاسب الوعي المجتمعي وخلق جيل مبدع..
وفي الأخير ……بمشاركة الأبناء وزيادة وعيهم نضمن جيل يبني لا يهدم , يحافظ لا يفسد يستخدم كل ما أوتي من معرفة وتفكير لكي يعبر عن وجوده , وعلى الأمهات أن تساعدهم على تحقيق أحلامهم وتدفع بهم صوب التميز والرقي ومواصلة السعي دون تردد أو خوف أو عوائق،ويجب أن نضع نصب أعيننا جميعاً أن عدم التواصل مع الأبناء قضية تزداد آثارها السلبية في الآونة الحالية؛ نتيجة لاعتبارات كثيرة منها الانتشار الواسع لتكنولوجيا المعلومات والاتصال بالفضائيات إلى شبكات التواصل الاجتماعي على مختلف وسائله بالإضافة إلى انشغال الوالدين في الأمور الدنيوية، وعدم مبالاتهم لانخفاض مستوى وعيهم الذاتي بحجم المخاطر الناتجة عن عدم التواصل داخل إطار الأسرة، وكلما اتسعت المسافة بين الأم وأبنائها داخل الأسرة زادت مشاكل الأبناء وما يترتب عليها من آثار سلبية، وللحد من هذه المشاكل يجب على الأمهات إيجاد الوقت الكافي للتواصل مع أبنائهن، وخلق حوار فعال والتشاور معهم بأسلوب صحيح يعزز العلاقة بينهم وينميها، ويمتن روابطها وبذلك يزداد وعي الأبناء، وبالتالي حمايتهم من الوقوع في براثن تغييب العقول المقصود، والمستهدف..