القاهرية
العالم بين يديك

خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي ..لماذا هذا ؟! 

111

كتب_د.فرج العادلي

معلومٌ أن يوم عرفات هو خير أيام الدنيا كما ذهب بعض أهل العلم، وفيه يغفر الله تعالى ذنوب الحجيج الماضية بل يحتُها حتًا ويجبها جبًا ويتجاوز عن تقصيرهم في مناسكهم.

كذلك فإن هذا اليوم يستجيب الله تعالى فيه الدعاء حتى كان بعض السلف يخبئ حاجاته لهذا اليوم فيدعو بها جميعًا .

 

لكن لاحظنا أن النبي ﷺ لم يدعو وإنما اكتفى بالثناء على الله تعالى حيث قال:

« خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قُلت أنا والنبيّون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير »

 

فحاولت أن أتأمل هذا وأقول لماذا لم يدعو رسول الله ﷺ في هذا الوقت تحديدًا وقال هذا الثناء؟

 

فتأمل النبي صلى الله عليه وسلم كيف شغل نفسه بذكر الله تعالى ثم ترك العطاء على الثناء لرب الأرض والسماء، والله تعالى يعطي مالا يُحصى ولا يُعد، ويُعطي ما هو أصلح وأنفع للعبد، فترك العطاء لله حكمة عظيمة وجليلة وشريفة من رسول الله..

 

ويشهد له ما كان بين “حسين المروزي” و”سفيان بن عيينه” رحمها الله تعالى.

 

ففي يوم عرفة جاء “حسين المروزي” وقال لسفيان بماذا أدعو في هذا اليوم فقال له سفيان: « قل لا إلا إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير»

فقال إنما هذا ثناء لا دعاء وعندي حاجات أريد قضاءها ؟!. فقال له سفيان ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم:

« مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ»

يعني من انشغل بذكري أعطيته أفضل من كل ما طلبه الناس في دعواتهم (تخيل)؟!

 

ولقد رأيتُ في ذلك مثلًا من دنيا الناس

فإن الشاعر يأتي ليمدح ملكًا من ملوك الأرض بقصيدة شعرية، فيعطيه الملك عطية لم يكن يتخيلها، ولو كان قد سأله صدقة بدون مدحٍٍ ما حصل على ثُمُنِها، فكيف برب الأرباب سبحانه وتعالى حينما يعطي؟!

 

ونفس الأمر حدث مع يونس عليه السلام، فالنبوة من مشكاة واحدة تخرج فحينما التقمه الحوت وصار في مكانٍ عصيب، فهو في جوف الحوت وجوفه مظلم، وفي ظلمة الليل، وظلمة البحر والماء، والمتوقع أن ينادي ربه ليخرجه من هذا المكان الموحش المهلك المرعب، لكن سبحان الله قد اكتفى بالثناء كما فعل رسول الله محمد فكان يقول« أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ *

 

فقال له ربنا سبحانه: « فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}

 

فعلى الإنسان أن يشغل نفسه بالثناء على الله تعالى، ويترك له سبحانه العطاء والجزاء ولا بأس أن يدعو بما شاء، لكن ليكن حظ الثناء أوفر.

والله تعالى أعلى وأعلم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات