القاهرية
العالم بين يديك

إليف شافاق.. قواعد العشق الأربعون

428

بقلم / سالي جابر
كاتبة تركية حازت على عدة جوائز أدبية. وقد أطلق عليها أحد النقاد أنها” واحدة من أكثر الأصوات تميزًا في الأدب التركي والعالمي المعاصر” تستمد رواياتها من مختلف الثقافات والتقاليد الأدبية، كما أنها تظهر رغبة عنيفة في التاريخ والفلسفة والتصوف، والثقافة الشفوية، والسياسات الشفوية، وتمتاز أيضًا بعينها الثاقبة في الكوميديا السوداء.
أما عن رواية « قواعد العشق الأربعون» تتناول مواضيع العشق، والحب بين الشرق والغرب، والماضي والحاضر، والروحي والدنيوي.

الرواية: قواعد العشق الأربعون
الكاتب: إليف شافاق
ترجمة: خالد الجبيلي
اللغة: للعربية الفصحى
الصفحات: ٥٠٠ صفحة

لغة الكتابة سهلة ميسرة للقاريء، بسيطة البيان ، لا تستخدم الصور الجمالية.
طريقة سرد الرواية مشوقة جدًا، وتتميز بالحبكة، وعنصر التشويق.
تضم الرواية روايتين مختلفتين الزمان والمكان، فقدت بدأت الكاتبة روايتها بقصة تدور أحداثها عام 2008 وبطلت القصة إيلا، التي تعمل ناقدة أدبية، والتي تكتشف خيانة زوجها؛ فتعيش حالة من الكآبة إضافة إلى صراعاتها مع أولادها، وكُلفت بنقد رواية ” الكفر الحلو لعزيز زاهارا” والتي تدور أحداثها في القرن الثالث عشر الميلادي، حول شخصين: الواعظ الديني جلال الدين الرومي، والصوفي شمس الدين التبريزي. وتلك الرواية ستغير حياة إيلا للأبد.

في عام 1244 ميلاديًا، التقى الرومي بشمس التبريزي ذو التصرفات الغريبة والآراء الهرطقية، وقد غير لقاؤهما هذا حياة كل منهما، وكان بداية لصداقة فريدة شبهها الصوفيون في القرون التالية باتحاد محيطين اثنين. وبعد هذا اللقاء تحول الرومي من رجل دين عادي إلى شاعر يجيش بالعاطفة وصوفيا ملتزمًا، وداعية إلى الحب، فابتدع رقصة الدراويش، وتحرر من القيود التقليدية.
لكن بعد مرور ثلاث سنوات على لقائهما، انفصلا على نحو مأساوي.
لكن القصة لم تنته بعد، فإن روح العاشق والصوفية ينبضان بالحياة إلى يومنا هذا، ربما نتعلم منهما المعنى الحقيقي للحب، المعنى الصحيح للحياة، معنى الصداقة.

في تلك الرواية سوف تتغير، فهي لم تغير حياة إيلا فقط، إنما تغير افكار كل من يقرأها، حتى أنها تغير النظرة العامة للدرويش، وكما قال التبريزي إذا لم تتغير فأنت لم تحب.

وضع شمس التبريزي أربعون قاعدة للعشق:

• إن كل قارئ للقرآن الكريم يفهمه بمستوى مختلف بحسب عمق فهمه. وهناك أربعة مستويات من البصيرة: يتمثل المستوى الأول في المعنى الخارجي وهو المعنى الذي يقتنع به معظم الناس، ثم يأتي المستوى الباطني وفي المستوى الثالث يأتي باطن الباطن، أما المستوى الرابع فهو العمق ولا يمكن الإعراب عنه بالكلمات، لذلك يتعذر وصفه.

• ‏مهما حدث في حياتك ومهما بدت الأشياء مزعجة فلا تدخل ربوع اليأس. وحتى لو ظلت جميع الأبواب موصدة، فإن الله سيفتح دربًا جديدًا لك. احمد ربك! من السهل عليك أن تحمد الله عندما يكون كل شيء على ما يرام. فالصوفي لا يحمد الله على ما منحه إياه فحسب، بل يحمده أيضا على كل ما حرمه منه.

• إن السعي وراء الحب يغيرنا، فما من أحد يسعى وراء الحب إلا وينضج أثناء رحلته، فما أن تبدأ رحلة البحث عن الحب، حتى تبدأ تتغير من الداخل والخارج.

• إذا أراد المرء أن يغير الطريقة التي يعامله فيها الناس، فيجب أن يغير أولًا الطريقة التي يعامل فيها نفسه. وإذا لم يتعلم كيف يحب نفسه، حبًا كاملًا صادقًا، فلا توجد وسيلة يمكنه فيها أن يحب. لكنه عندما يبلغ تلك المرحلة، سيشكر كل شوكة يلقيها عليه الآخرون. فهذا يدل على أن الورود ستنهمر عليه قريبًا. إن الماضي دوامة، إذا تركته يسيطر على لحظتك الحالية فإنه سيمتصك ويجرفك. ما الزمن إلا وهم فحسب، وكل ما تحتاج إليه هو أن تعيش هذه اللحظة بالذات. هذا كل ما يهم.

• لا تهتم إلى أين سيقودك الطريق، بل ركز على الخطوة الأولى. فهي أصعب خطوة، يجب أن تتحمل مسؤوليتها. وما أن تتخذ تلك الخطوة، دع كل شيء يجري بشكل طبيعي وسيأتي ما تبقى من تلقاء نفسه. لا تسر مع التيار، بل كن أنت التيار.

• عندما يدخل عاشق حقيقي لله إلى حانة، فإنها تصبح غرفة صلاته، لكن عندما يدخل شارب الخمر إلى الغرفة نفسها، فإنها تصبح خمارته. ففي كل شيء نفعله قلوبنا هي المهمة، لا مظاهرنا الخارجية. ما الحياة إلا دين مؤقت وما هذا العالم إلا تقليد هزيل للحقيقة. والأطفال فقط هم الذين يخلطون بين اللعبة والشيء الحقيقي. ومع ذلك فإما أن يفتتن البشر باللعبة أو يكسروها بازدراء ويرموها جانبًا. في هذه الحياة تحاشى التطرف بجميع أنواعه لأنه سيحطم اتزانك الداخلي.

• ‏ يتبوأ الإنسان مكانة فريدة بين خلق الله، إذ يقول: “ونفخت فيه من روحي”. خُلقنا جميعًا دون استثناء لكي نكون خلفاء الله على الأرض، فاسأل نفسك: كم مرة تصرفت كخليفة له، هذا إن فعلت ذلك؟ تذكر أنه يقع على عاتق كل منا اكتشاف الروح الإلهية في داخله حتى يعيش وفقها. إن جهنم تقبع هنا والآن، وكذلك الجنة. توقفوا عن التفكير بجهنم بخوف أو الحلم بالجنة، لأنهما موجودتان في هذه اللحظة بالذات. ففي كل مرة نحب، نصعد إلى السماء. وفي كل مرة نكره أو نحسد أو نحارب أحدًا فإننا نسقط مباشرة في نار جهنم. هل يوجد جحيم أسوأ من العذاب الذي يعانيه الإنسان عندما يعرف في أعماق ضميره أنه اقترف ذنبا جسيما؟ هل توجد جنة أفضل من النعمة التي تهبط على الإنسان في تلك اللحظات النادرة من الحياة عندما تفتح فيها مزاليج الكون ويشعر أنه امتلك كل أسرار الخلود واتحد مع الله اتحادًا كاملًا؟

• ‏ يرتبط كل شيء وكل شخص بشبكة خفية من القصص. سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه، فإننا نشارك جميعًا في حديث صامت. لا ضرر ولا ضرار وكن رحيمًا ولا تكن نمامًا، حتى لو كانت كلماتك بريئة، لأن الكلمات التي تنبعث من أفواهنا لا تتلاشى بل تظل في الفضاء اللا نهائي إلى ما لا نهاية، وستعود إلينا في الوقت المناسب. إن معاناة إنسان واحد تؤذينا جميعًا وبهجة إنسان واحد تجعلنا جميعًا نبتسم.

العشق ماء الحياة والعشيق روح من النار!
” يصبح الكون مختلفًا عندما تعشق الماء النار”

كل سطر خط في تلك الرواية أثار في قلبي الفزع
والحب وأنار بضع طرقات مظلمة، وأيقنت أن هناك دائمًا طريق منير في نهاية النفق! لكن ماذا لو أخطأنا هذا الطريق؟ هل سنعود إلى النفق المظلم بعد عثرات الخطى، أم ينكتفي بالنور حيثما كان بأي شكل يكون؟
هل إيلا خائنة أخذها العشق دون أن تفكر واعتبرت أن خطواتها بدافع الحب ردًا لخيانة زوجها؟
دائمًا تفجر لنا الحياة ينابيع مياها إما تجرنا لبحيرة ضحلة أو لبحر أجاج…

قد يعجبك ايضا
تعليقات