القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

الجيل الذهبي ومذهب الوسطية

939

ناجح أحمد – مصر

في كل حقبة تاريخية تظهر لنا أصوات علمية و ثقافية أدبية تنهج مسلكا ينبع من خبرات مكتسبة من البيئة العلمية أو الحركات الثقافية المختلفة قاطبة سواء كانت سابقة أو آنية بعد التأني ومعرفة أكاديمية بحتة لتاريخ فنون الآداب لحضارات سابقة ، ثم يسلك دمجا فكريا بين كل الثقافات القديمة والحديثة ، فلا يستثني إحداها ، ويخلط الألوان وينقحها وينقيها ثم يخرج لنا نتاج فكر يواكب العصر الذي نعيش فيه ، حيث وجدنا من النخب علماء وشعراء وأدباء من الجيل الذهبي ، الذين لهم نتاجات تعكس خبراتهم وفكرهم المعتمد لديهم أسلوبا ومنهج حياة بطريقة إبداعية لها بصمة تجديدية مختلفة نوعا ما عما سبقها ، ونحن بصدد الحديث عن صوت النداء بالوسطية العربية ؛ لا يفوتني الحديث عن وأجمل شخصية علمية وأدبية ونقدية تعايشت معها ونهلت من فيض علمها وتعلمت وتدربت على يديها بكل أريحية وحب والمتمثلة في أستاذي العالم الجليل الدكتور عبدالحميد إبراهيم ، أستاذ الأدب والنقد العربي في كلية دار العلوم جامعة المنيا ، وكلية الآداب جامعة صنعاء باليمن الشقيقة ، وكلية الدراسات الأفريقية والشرقية بجامعة لندن ، وأستاذ اللغة العربية جامعة سوكوتو نيجيريا.

والمؤكد أنه صاحب مدرسة الإحياء والبعث الجديدة للمذهب الوسطي في الأدب العربي للقرن العشرين وما بعده ؛ حيث استطاع أن يجمع بين كل الدراسات التاريخية والنقدية والخبرات بداية مما وصل لنا من تاريخ الأدب بالعصر الجاهلي والعصر الإسلامي وصدر الإسلام وما تلاها من عصور حتى عصرنا الحديث ، فاستطاع أن يستكشف ويرصد ثم يخلص بفكرته ويتخلص من الغلو وكذا العدلية والجمود والانعزال أو والتمرد على فكر أو نرية أو ثقافة محددة ، ثم ينتصر للمؤلف على حساب القارئ المستبد؛ فيخلصه من احتكار الإبداع على حساب صنعته لصالح ميول النقاد أو بحسب هوى القراء ، واستنتج لنا زبدة خبراته في النهج الذي نادى به والذي سار على إثره أقرانه وطلابه ومن تأثر بعلمه حتى يومنا هذا ، نحو مسلك نهج الوسطية العربية في الحركة الأدبية أو النقدية المتأنية التي وصفها بالسكينة ، والجمع ، والتوازن ، والحركة البينية ، مستنكرا الاستغراق في فكر بعينه دون تنقيح ، مثلما يحدث مع من يستلهم الفكر الغربي برمته في إبداعاته ويأتي بكل خصائصه وقوالبه متخليا عن فكره العربي، و مع أنه قد تأثر كثيرا بكتابات عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين ، والدكتور شوقي ضيف ، في الأدب العربي الجاهلي والمعاصر ، إلا أنه استنبط رأيه ونادى بالدمج بين كل الثقافات والاتجاهات دون الاستغناء عن البعض.

 وقد شارك في التأسيس أو الإشراف على الرسائل الأكاديمية والأبحاث والدراسات والمؤتمرات الأدبية والمهرجانات الثقافية العديدة ، مثل: إنشاء كلية آداب المنيا ، ومركز المخطوطات العربية ، ومؤتمر أدباء مصر ، وعلى إثره عقد مؤتمر أدباء الأقاليم ، ومهرجان طه حسين ، وهو صاحب أول جائزة في النقد الأدبي باسم الكاتب الصحفي والإعلامي الأديب الناقد (رجاء النقاش) رحمه الله.

ومن مؤلفاته : الأدب المقارن من منظور الأدب العربي (مقدمة وتطبيق) ، و نقاد الحداثة وموت القارئ ، و موسوعة الوسطية العربية (مذهب وتطبيق) ، و القصة اليمنية المعاصرة ، وغيرها.

واستمر عطاء ابن الأقصر وصعيد مصر (رحمه الله ، وجزاه عنا خيرا) ، حتى توفي عن عمر يناهز 77 عاما في يناير 2012م.

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات