القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

علم الإجتماع وتطور المجتمعات

147

د. إسلام إسماعيل أبوزيد
حقيقة هناك تزايد للاهتمام بالفهم العلمي للمجتمع في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، ويرجع ذلك إلى: محاولة الوصول إلى ما يشبه القوانين التي تحكم حركة المجتمعات في ثباتها وتغيرها وصحتها ومرضها، والقوانين التي تحكم الظواهر والنظم والعلاقات والسلوك الاجتماعي، ومنها محاولة الاستناد إلى الفهم العلمي للمجتمعات في تشخيص مشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ومحاولة رسم السياسات والخطط والبرامج الاجتماعية لمواجهتها، ومنها ضبط حركة المجتمعات في مواجهة المتغيرات العالمية المعاصرة وظواهر الثورة المعلوماتية وتحدياتها، ولهذا تتزايد الحاجة إلى محتوى علمي دقيق يوضح مداخل الفهم العلمي للمجتمعات، وهنا نجد الحاجة ماسة إلى دراسات علم الاجتماع كعلم بيني يحاول تحقيق الفهم المتكامل الشمولي للظواهر الاجتماعية، خاصة وأن كل علم من العلوم الاجتماعية يركز على مجموعة محددة من الظواهر المتخصصة، يتعمق فيها لفهم طبيعتها وآلياتها والقوانين التي تحكمها.
وإذا كان المأمول من علم الاجتماع الإجابة على أسئلة الجمهور وتساؤلاته حول القضايا الاجتماعية، فإن عمق علم الاجتماع يقف حجر عثره أمام دراسات علم الاجتماع أن تقدم اجابات سطحية أو مباشرة لتلبي رغبات الجماهير السريعة والمتغيرة، فعلم الاجتماع رغم ديناميته إلا أنه يحلل الظواهر الاجتماعية ويفسرها في ضوء نظرياته ليكشف عن الأسباب الكامنة وراء الظواهر والأحداث الظاهرة، دون التسرع في تقديم اجابات هي في مستوى الفعل ورد الفعل، الأمر الذي قد يتطلب من الممارس في علم الاجتماع أن يتحلى بالخيال السوسيولوجي –الخيال العلمي الاجتماعي- لإدراك العلاقات بين المتغيرات المختلفة، وتفاعلاتها في محيطها الاجتماعي.
ولقد ساد النظام المعرفي الغربي ساحة التعليم في البلدان الإسلامية إلى الحد الذي أصبحت فيه مصادر المعرفة الغربية هي المرجعية المعتمدة في العلوم الاجتماعية والإنسانية سواء في مناهج النظر والبحث أم في عناصر المضمون والمحتوى، وعمت الألفة بما شاع وانتشر من معارف على حجب الأنظار عن خطورة كثير من المقولات العلمانية والافتراضات النظرية المتجاوزة للاعتبارات الخلقية والقيمية الإسلامية.
ولعل النظام المعرفي المنبثق من القرآن والسنة هو الوحيد الذي يمكن أن ينافس المعطيات المعرفية للحضارة الغربية ويستوعبها ويعيد صياغتها على شكل نظام معرفي بديل يرشد هذه الحضارة، ويخلصها من روح الهيمنة والاستغلال والطبيعة الصراعية. وسوف يفيد وضوح النظام المعرفي في إعادة صياغة المشاريع البحثية من حيث موضوعاتها ومناهجها وسياقاتها التاريخية، ويكشف عن جوانب الأصالة والتميز، أو جوانب التبعية الفكرية والثقافية. كما يعين وضوح هذا النظام المعرفي الباحث على الخوض في عمق الظواهر الاجتماعية ويتجاوز التناول السطحي لهذه الظواهر.

قد يعجبك ايضا
تعليقات