القاهرية
العالم بين يديك

هريسة تانيس من حقول الفلفل الى اليونسكو

98

للكاتبة والفنّانة التّشكيلية رجاء بن موسى من سوسة تونس
متابعة عبدالله القطاري من تونس

حمامة سلام من اليونسكو ترفرف على سماء تانيس توثّق هريسة نابليوس كهويّة وطنيّة

و قوافل الصّين والهند قد رست على جزر أبي شريك محمّلة ببذور الفلفل

وجنود من الأرسكيين قد نشروا
هذه الحبّات الفضيّة في حقول المعمورة و بنزرت و العلا و تستور و سليمان

فحفرت الأبار و امتدّت السّدود من وادي الكبير و سالم و العبيد
و الرّمل

و وثّق عبد الله و قد منحته أرضه كتّانا ينسج منها كدرونا المحراث في تربة خصبة ليؤسّس زرارعة كبرى يأمل منها شعاعا أمام العالم

فغدت الحقول رياضا من الرّياحين والنرجس و زهر الرمّان و القرنفل
تلك هيّ ألوان قرون الغزلان

فيمتد ّ البكلوطي و البلدي والمعموري والمسكي و المسيّر
ثمارا من مزارعنا

و أميرات القرية قد انتشرن وسط زهرات المرجان وقد تدلت من طاقيتهم المطرّزة بالكنتيل و الفضة عقود الجوهر و والزمرد

وتتوقّف فاطمة عن ركب الأميرات لتخلّص ما علق في كمّ السّورية الموشّى من شبكة الدنتال براعم الفلفل فتسقط قوفيتها بين شدو براعم الرّنج و الّنسري

و أبت زهرة الا أن تدلّل شارية على ظهرها فتنحني معها كلّما قطفت قرون الغزلان
و قد أّحكمت شدها بيدها على جبينها الموشى بمحرمة النوار

وفي عشيّة يوم الجمعة
أوقف عمّار البرّاح الكرّيطة أمام مقرّ سيدي علي عزّوز
وقد ثقلها بأكداس المسكي
و بأعلى صوت راح ينشد مع نغمات الطّار والنّغرات و بتهاليل العزّوزيّة

عقد مرجاننا عالميا
فهريستنا من حقولنا إلى اليونسكو

ثم ينحنى بسروال القّندليسية وقد نسج من القمراية محاولا أن يرجع زنّاره إلى وراء أكتافه وهو يكوّم المعلف و يوفي الكيل خيرا وبركة
لتكون عولة لهذه العام

وبين حيّ الّربط و المحفر قد تسارعت ريحيّة منصور وهو يشدّ
الشّواري المتدلية من ظهر حمارته وقد تساقط منها قرون المسكي الحار
لينشره وسط السّقيفة كحبّات المرجان حتى يأخذ وجها من قوايل الرمان

و في الحوش اتّخذت النّسوة مقاما تحت ظلال الياسمين والفلّ

فهذه علجية بسوريّة البلاّر المزهرة عدسا وفضة قد اتخذت من حباّت المرجان عقدا و أودعته للشمس قربانا

فلما يتقاطر اللؤلؤ عل خدي فاطمة ?!
وقد أمالت التّقعيدة المنقوشة بالغرزة النّابلية على جبينها لتزيل بذور الفلفل و تقصّ أطرافه بسرعة تحاكي البّرق

و مهراس قد جلب من سوق النّحاس ترن ّبه سعدية
و في نغماته عبق تراثنا
وأصالة أجدادنا

و أبت للا ّ فاطمة وقد لفت مليتها على ركبتيها وتدلّت الرّيحانة من بخنوقها و ورقص عقد القرنفل الزاخر خمسة وحوتة و محبوبا على صدرها إلا ان يكون الفلفل المجفف بين أضراس الرحى الحجري
تديره بحكمة و دراية
فتكون عجينة حارّة تليّن بعصير ذهبي من زيتونة علّيسة
وملح سوابخنا
و بهرات الهند تابل و ثوم
ذلك سرّ الهريسة

وفي بيت العولة تمتلأ الخابية بالهريسة و الهروس

سلاحا لشتاء و مواسم الجني و الحصاد

وببن وثائق اليونسكو
تكون هريسة تانيس
هويّة وطنيّة و خصوصيّة عالميّة

قد يعجبك ايضا
تعليقات