القاهرية
العالم بين يديك

علي جنب يا اسطي

385

بقلم _السيد عيد

وسط خليط من أصوات المارة وأصوات السيارات في شوارع القاهرة بعد صلاة الجمعة كنت متوجها في ذلك التوقيت الرائع إلى مدينة نصر، اقترب منى تاكسى وأبطأ دون أن يتوقف فاضطررت للصراخ مدينة نصر .. مدينة نصر
فتوقف سيادته على بعد عشرين مترا منی، جريت لأحق به قبل أن يغير رأيه ويتركني، ركبت التاكسي، فوجدت السائق وهو شاب لم يتعد السادسة والعشرين من العمر، وقد رفع صوت شريط الكاسيت إلى مستوى فوق المؤشرات العالمية للصداع الذي يفتك برأسي طلبت منه ان يخفض صوت الكاسيت ولكنه رفض ولاحظت أن عضلات وجهه بدت في الظهور لزمت الصمت، وأكمل هو طريقه، فكرت أن أتحدث معه في اي شيئ سيكون أرحم من صوت الأغاني الهابطة وياليتني ما تحدثت، أخذ يتحدث بأرائه الاعتباطية في السياسة والاقتصاد وكأنه خبير اقتصادي وكرة القدم وكان مدحت شلبي هو من يسوق التاكسي، وما هي إلا دقائق معدودة وبدأ يفتعل خناقات دورية مع غيره من سائقي السيارات في الطريق، وبلا تعليقات وانتقادات تكرّ على لسانه كحبّات المطر على تجاوزات السائقين في الشارع من نوع: “الحق ليس عليه وإنما على عديم الدم والضمير الذي أعطاه الرخصة!”،

جلست وكأنني في عالم منفصل ذي حيِّز محدود، له قدرة هائلة على اختزال تلك الحياة التاكسية الفسيحة، تخيلت لو ان التاكسي يمشي فوق الأرض بلا سائق؟!
نعم بلا سائق؟!
ولو أن الشوارع بلا زحام.. تمنيت أن ننظف آذاننا من تلوث الأغاني الهابطة، قطعاً ستكون الحياة أسهل وأسلس.. ستكون أقل توتراً وأقل مشكلات وأقل إثارةً وأقل مدعاةً للمفاجأة وأقل تلصُّصاً على حكايات الآخرين.. باختصار ستكون الحياة مختلفة..

قد يكون التاكسي صاحب عالم منفصل ، داخل حيّزه الضيــق قد يقودك إلى تخيل غير مسبوق في الأفكار والمشاعر، أو قد يتيح لك تخيل سائق التاكسي في موقع مسئول غير مسئول
ولو أنه يملك من الثقة والجزم لتوقف بالسيارة قبل ان نقول له ” علي جنب يا اسطي “

قد يعجبك ايضا
تعليقات