انتصار عبد العظيم
دوماً يلوم الطير على الشجرة التي بات بأغصانها
الشجرة التي أحتوته ،وكانت له موطناً
ولا يدرى ،أن لو كان لها أن تتكلم ،لقالت :كم هى سكن له!
أيُلام عليها في ثباتها!! في صمودها!! في كونها وطن له!!
ماذا فعلت تلك الشجرة كى يلق عليها هذا الطير لوماً!!
هل نفته خارجها!!!!
هل ألقت به بعيداً أغصانها!!
..الطير دوماً هو الذي يطير بعيداً، ويبعد ويهجر عشه،ليسكن شجراً آخر
.. الطير هو الذي سارع بهدم عشه ،فما كان للشجرة أن تهدم عشاً سكن بها
..أو تعلم أيها الطائر!
أنك جرحت هذه الشجرة!
وما أبصرت إحتوائها لك!
..ما أستطعت تلقي اللوم على الرياح التي ساعدتك في هدم العش ،لكنك أستطعت وبكل قسوة تلقي اللوم على من كانت لك داراً
..عندما هدمت عشك ،وهاجرت بعيداً ،وتركتها ،أوجعتها،وأوجعها رحيلك ..
..كانت تنتظر منك العودة ،لتبني عشك من جديد ..
..ما أعتبرتك يوماً غريباً عنها،بل كانت تحسك منها،ولست ضيفاً عليها ..
..ألم يعز عليك كونها وحيدة الآن !!
..كان عشك لصيقاً بها ،يحتضن جوانبها ،
كان بمثابة الحضن الدافئ لأغصانها..
..أو تعلم !! كان مكملاً لها ،نعم كان مكملاً لها..
..فهي رغم صمودها ،وكبرياءها،إلا أنها تحتاجك ..
..ومهما هاجرت من عش إلى عش،فلن
تجد ملاذاً لك سواها ،لن تجد الراحة إلا بين ربوعها ،لن تحيا إلا بين جنباتها ..
..لما يا طير ! فكرت بنفسك فقط !!ولم تبال بها !
..أو لم تلحظ الدموع بعينها حين رحلت!!
..أو لم تسمع نحيب صوتها يناديك حينما هجرت !!
..ألم تتنفس بين لحاءها!!
..ألم تشتاق لحديثها!!
..لم يا طير هجرت !!
..تُرى أتستحق منك تلك الشجرة كل هذا !
..أوجدت شجرة بديلة سواها!!
.أسكنت عشاً آخر !!
..حتى وإن وجدت ،فلن تجد كهذه الشجرة ،من فهمتك ،وأحتوتك ،من كبرت بين ثنايا أوراقها ..
.
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية