القاهرية
العالم بين يديك

ملعقة وشوكة وسكين 

747

بقلم _عاليا عمرو أبو العزم

 

إن العلم في ازدهار ٍ وتطورٍ يومي من جميع الجوانب، لا شيء ثابت ولا شيء يبقى على حاله، مؤدياً ذلك إلى تغيرٍ شامل سواءً كان تغيراً إيجابياً أو سلبياً. و التغير الذي قدمه العلم والتكنولوجيا في حياتنا اليومية يفوق كل التصورات. 

إذا عدنا بآلة الزمن إلى عدة سنين مضت، سنجد الأحوال بسيطة، الأدوات والتقنيات التكنولوجية بسيطة وصغيرة لا تكاد تؤذي، كالملعقة تماما، ليس لها اي ضرر واضح إلا ما قل، نفعها يفوق ضررها بمراحل كثيرة و لذلك سنجد للأسف في الماضي ما لا نجده الآن كالهدوء، و البساطة، و الرضا إلخ إلخ….

و إذا تحركنا بآلة الزمن قليلا إلى الأمام، سنجد بعض التطورات العلمية التي أدت إلى ازدهار في التكنولوجيا، لتصير تلك البرآت و الإختراعات بمثابة الشوكة، تستطيع التقاط ما لا تلتقطه الملعقة من الصحن. و لكن تلك التطورات لم تجلب فقط النفع بل كان لها آثارًا جانبية سلبية، كوخز تلك الاختراعات لحياتك و ثقبها كما تفعل الشوكة تماما، إلا أن الضرر الواضح من هذه البراءات لم يكن هائلا، و لكنه افتعل عدة مشاكل. 

نسافر قليلا إلى المستقبل الذي هو الآن حاضرنا ، فقد بتنا في عصر غير أي عصر آخر، حياة لم يكن أجدادنا يتوقعونها ولا حتى يحلمون بها. حياة تطورت لتعطينا آخر أشكالها التي تبهرك بحدتها، وطولها، وقدرتها على فعل أشياء خارقة وتبسيط الحياة المعقدة الوهمية، تماما كما تفعل السِكِّين. 

أتت الاختراعات والتطورات الحالية بشكل حياة جديدة، مختلفة! ولكننا فهمنا جاذبية وجمال السكين بطريقة خاطئة. فالسكين تقطع الأشياء المعقدة إلى أشياء مبسطة ولكن لا ينبغي أن نضعها في أفواهنا ولا أن نتناول بها الطعام، ولكننا فعلنا عكس المطلوب. رأينا حياتنا وتخيلناها معقدة وأمسكنا السكين لنقطع ذلك التعقيد ولكن هذا لم يكن كافيا بالنسبة لنا فلقد أكلنا ما على الصحن بتلك السكين وتألمنا من حدتها ولكن رغم ذلك استمرينا في استعمالها ظننا أن ذلك أمر عادي ولكنه لم يكن كذلك.

القول والمقصد هنا ليس أن العلم يعني الضرر، أو أنني ضد العلم ولكن عندما نستعمل أي شيء لابد أن نعرف كيفية استخدامه أولا، لابد أن نسأل ونتعلم قبل استعمال أي شيء، لأننا إن لم نفعل سنرسخ عادات جذرية غير سليمة يصعب تغييرها، ولن أبدأ في التحدث عن المشاكل التي تعاني منها جميع الثقافات و الشعوب بلا أي استثناء بسبب ذلك التهور، كالإدمان على الهاتف والألعاب الإلكترونية، والكسل، والتعرف على المؤذيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلخ إلخ.

 

في الختام كل فرد منا له حياته وله صحنه الخاص به، وله ما يجب أن يقطع وله ما هو مُبَسَّط كل التبسيط، يؤكل بسهولة، ولكن قبل أن تبدأ في تناول ما هو على طبقك اسأل من يعرف ومن له خبرة وعلم ، ماذا أفعل بتلك الأدوات الجانبية؟ كيف أستعملها؟ كيف أطور حياتي بها؟ لتستفيد بأكبر قدر ممكن من هذه التكنولوجيا. ولا ننسى أن العلم سمو وارتقاء، و أن غاية كل تطور في العلم هي الإحسان، لذلك لا يجدر بنا تشويه سمعته باستعمال تطوره ضده، بل يجب الشكر والحمد لنعيش في سلام ومودة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات