القاهرية
العالم بين يديك

شيوخ الترندات وارتفاع معدل الجريمة

534

بقلم رانيا ضيف

سئل الكاتب الروسي “أنطون تشيخوف”
كيف تكون المجتمعات الفاشلة؟
فأجاب: ” في المجتمعات الفاشلة ثمة ألف أحمق مقابل كل عقل راجح، وألف كلمة خرقاء إزاء كل كلمة واعية، تظل الغالبية بلهاء على الدوام، ولها الغلبة دائماً على العاقل.”

أن يتصدر المشهد الفاشلون والتافهون والحمقى وكلا منهم يدلو بدلوه في السياسة والاقتصاد والدين والعلم والفن، ذلك كفيل بأن يطمس أي بصيص نور أو بارقة أمل لصوت العقل والحكمة فتتراجع القيمة وتظهر الغوغائية .
المجتمعات التي تنتشر فيها الهمجية دون رقابة تدعمها تصريحات وفتاوى لبعض رجال الدين ممن ينتسبون للأزهر ويفتون بخلاف منهجيته ويروجون للأفكار الذكورية البدوية الفظة الغليظة تحت ستار ديني في الحقيقة هم يهدمون الأمن والاستقرار ويؤججون للفتن والاقتتال والاحتراب دون رادع أو عقاب !
تجسدت آثار تلك الممارسات في جرائم عنف ما شهدناها من قبل ولا سمعنا عنها في مجتمعاتنا
أي تفردنا في إنتاج نوع مختلف من الجرائم تقشعر له الأبدان، كالعريس الذي باغت عروسه بطعنات غادرة بعد ٤٨ ساعة من الزفاف لرفضها العلاقة الحميمة وبدلا من أن يتفهم العريس نفسية زوجته والتودد لها والسماح ببعض الوقت لتأتي الأمور بشكل تلقائي وآدمي؛ ثار لنفسه المجرمة واستحل دمها بلا جريرة ولا ذنب !
استند في فعله المشين على ثقافة مهترئة وفتاوى غير مسئولة لبعض الشيوخ ممن جذبتهم الأضواء والشهرة والترند على حساب الدين والشرع ومصالح الناس في تجاهل تام من المسئولين لحجم الجرم المرتكب في حق المجتمع والناس!
عندما يسوغ الشيخ الذي يتصدر للفتوى لنفسه إلقاء سمومه على ملايين المتابعين من الشباب الصغير المراهق عديم الخبرة والثقافة وتصبح سمومه داعمة لأفكارهم الذكورية واستعلائهم على المرأة بلا أي استحقاق يذكر سوى أنه وُلِد ذكر !
فلا ثقافة ولا مسئولية ولا رجولة ولا شهامة ولا علم فكأنك أعطيت سلاحا لمجنون.
هذا ما يحدث في غياب تام لمؤسسة الأزهر عن ردع بعض المحسوبين عليها والذي كانت له فتاوى تحرض على العنف وضرب الزوجات فكتب بأسلوب فج ردا على تساؤلات بعض النساء:
” ممكن يشوهك عادي ويحرمك من جمالك، ممكن يكتفك ويذلك، ممكن يستعبدك
هو الأقوى وطبيعي سيفرتكك “
وفي رد آخر كتب:
“يبدو أنك لا تعرفين ما هو الإجبار
الشرع يقول إن رفضت تضرب
فاهمة القضية ؟ هذا هو المراد بالإجبار .”
هذه التصريحات نموذج للعقلية التي نتحدث عنها ويتابعها ملايين من الشباب ويتخذونه قدوة ومثل أعلى والنتيجة ازدياد العنف والتحرش والجرائم ذات الصلة بتلك الأفكار.
ويقابل ذلك بصمت غريب من المسئولين وغض الطرف عن ما ينتجه هذا الفكر من جرائم في حق المجتمع!
فإذا كان هذا نموذج للشيخ الداعية ولا رقيب ولا محاسبة فما المتوقع إذا ؟!
الغريب أن الجميع يشعر بالصدمة بعد تلك الجرائم وكأنهم لا يتوقعون أن من زرع حصد وأن ما نغرسه من أفكار معوجة لابد أن ينتج عنها أفعال أكثر اعوجاجا !
فماذا ننتظر من ذكر ترعرع على أفكار تشعره بالفوقية والتميز والتحكم والسيطرة على الأنثى ؟!
تربى على أن الزوجة واجب عليها طاعة زوجها بلا نقاش ولا جدال لتصل الأمور أحيانا لمنع الزوجة من زيارة أبيها وهو على فراش الموت أو التواصل معه ويفتيها شيخ على الهواء بأن تطيع زوجها لأن طاعته أولى من بر والدها حتى وهو على فراش الموت!
وكذلك تمرير فكرة أن الزوجة التي يدعوها زوجها للفراش وترفض تبات تلعنها الملائكة دون أي اعتبارات لحالتها الصحية أو النفسية أو رغبتها من عدمها!
كثير من الأفكار المغلوطة والملتبسة في عقول الناس والناتجة عن موروثات أقحمت علينا تحت غطاء ديني وما أنزل الله بها من سلطان.
تلك الأفكار التي جعلت الزوجة في نظر زوجها عبدة مملوكة له، ليس لها حق الرفض ولا يجب عليها سوى الطاعة العمياء جعلت من ذلك العريس مجرما لأنه فسر رفض زوجته إهانة وعصيان ونشوذ!
ففي قناعته “لا يحق لها الرفض”.
كذلك قاتل نيرة طالبة كلية الآداب بجامعة المنصورة والذي نحرها في وضح النهار عيانا بيانا لرفضها الارتباط به!
لمثل هؤلاء الموتورين لا يحق للمرأة حرية الرفض أو القبول!
من العوامل القوية لظهور تلك الجرائم؛ إهمال التربية الروحية وتزكية النفس والابتعاد عن الأخلاق الحميدة
فاجتمع إهمال الأسر في تربية أبنائها مع إهمال منظومة التربية والتعليم مع تراجع دور الإعلام في تثقيف الناس ورفع وعيهم مع فتاوى شيوخ الترندات فأدى كل ذلك لانتشار تلك الأفكار البالية القاتلة ومن ثم انتشار الجريمة.
في نهاية المقال ظل سؤال يؤرقنا متى سنرى أولئك المحرضين على الجريمة تحت طائلة القانون ؟!

قد يعجبك ايضا
تعليقات