المكتبة الجهوية ابن رشيق”بالقيروان
بقلم/رشيدة الفارسي من القيروان
متابعة عبدالله القطاري من تونس
للأسماء وقعها و سحرها و صخبها وعبقها يتسلّل إلى غياهب الذّاكرة فيحرّك ما سكن هناك من بهيّ المشاعر و شجيّ الحكايات.
ينبثق فجأة من ثنايا الماضي البعيد
فتنداح الصّور و الذّكريات جميلةً، عذبةً كالصّبح الوليد
ابن رشيق القيرواني زخم التّاريخ
وألق الإبداع و الثّقافة و عمق الفكر وثراء الحضارة.
بين معهد ابن رشيق المطلّ على سور القيروان التّليد
و المكتبة العمومية المتاخمة لدار الثّقافة أسد بن الفرات- الحي التجاري
و المكتبة الإسلاميّة المطلّة على “برّوطة” و على محلّ بيع “الفطائر” للعمّ العزعوزي رحمه الله.
هناك. و بين تلك الدّروب نشأنا و كبرنا
وطالعنا و تعلّمنا و استوعبنا و تأمّلنا وأدركنا الكثير.
هناك تشبّعنا برائحة الكتب و بما في الصّفحات من حكايات و حِكم و أبعاد و خيال و مجاز و جمال
و أسئلة جعلتنا نفكّر و تتساءل ونرفض المسلّمات في مدينة تميل إلى المسلّمات.
القيروان رحلة عمر و سنوات من الصّبر و الحلم كان فيها الكتاب نعم الرّفيق والسّند.
فتح العيون و جنح بالخيال بعيدا وملأ عوالمنا أنسا و بهاء و عمقا.
الكلمات كانت نبراسا أضاء عتمة أيّامنا و بلسما لنفوسنا المرهقة.
ابن رشيق القيرواني يتردّد الاسم على
مسمعي فيثير في نفسي شتّى المشاعر و الانفعالات.
و يتراءى أمامي كتابه ” العمدة في صناعة الشّعر ونقده “شاهدا على أنّ
هذه المدينة مسكونة، منذ القديم، بحبّ الشّعر و أنّ أبناءها عاشقون للكلمة الحالمة، تائقون إلى عوالم أجمل و أرحب.
و أنّ أرواحنا تظلّ تهيم هناك، بين الأزقّة و الحواري، مهما باعدت بيننا المسافات.
و اليوم أجيء إلى القيروان و في يدي وردة و كتاب و في الفؤاد أشواق لا تهدأ و حكايات لا تنتهي و أحلام تصرّ على أن تكون.
الجسد هنا و القلب هناك يطوف بين
الدّيار يتنسّم ريح الأحبّة ويسأل عنهم
صمت الغروب و الأماسي العابرة.
رشيدة الفارسي
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية