القاهرية
العالم بين يديك

علاقات رمادية

327

بقلم/ رانيا ضيف

عزيزتي ..

بعد السلام والتحية وقبلات محملة بالمحبة ..

 

قرأت رسالتك والتي احتوت على نصائح قلقة وكأنك تعيشين بين عقلي وقلبي .

أعيش فترة غريبة أرى فيها الناس محزونين

الجميع يشكو من تفكك العلاقات الحميمة؛

كانفصال الأزواج وخذلان الأصدقاء.

الجميع يرى الأمور من زاويته ولديه الاتهامات المعدة سلفا، وأصابع الاتهام تشير نحو الآخر،

أما أنا فيخنقني كل هذا الجو الملغم بالفراق

ولأسباب واهية، ولا أدري لم لا يواجه الأخلاء بعضهم البعض !

لم أصبحت العلاقات معقدة إلى هذا الحد ؟

ربما أحكم أنا الأخرى من منظوري فكما تعلمين

كنت دائما الطرف الأقوى في كل علاقاتي الإنسانية،

أنا المبادرة بالسؤال، المبادرة بالمحبة والاهتمام، المبادرة باللوم لفتور العلاقة التي وضعت فيها لَبِنَات الحب والدعم والثقة .

لا يشغلني استمرار العلاقات قدر استمرار الصدق فيها ..

كنت باحثة دوما عن الحقيقة حتى في العلاقات؛

ما يعني لي هو مدى حقيقة الشعور، مدى حقيقة المحبة .

قد يؤذيني تبدل الحال؛ لكن ما حرصت عليه دوما ألا يتبدل قلبي أنا.

ألا يعرف القسوة والغلظة والكراهية، ألا أكون مستباحة ولا منطوية.

المساحات الفاصلة بين الحالة وعكسها حرصت على بقائها حاضرة وطالما كلفني ذلك الكثير .

 

اكتشفت من ممارساتي أنني أكره اللون الرمادي جدا، فلا رَكَنَّ إلى نقاء وشفافية الأبيض ولا اتخذ موقفا واضحا كالأسود.

هكذا كرهت الفتور فلا هو انفصال ولا اتصال،

تخلصت من العلاقات التي تسحب الخريف على ربيع عمري وتُسقط عنوة أوراقي الخضراء اليانعة قبل موسمها؛ لكنني لم أستطع فعل ذلك دون الشعور بالألم.

كنت أتخذ مواقف ثابتة لا مرونة فيها  كمن يبحر ضد التيار أو يواجه الأمواج حتى تحطمت أشرعتي وسفينتي، ما إن قاومت الغرق ونجوت فأبني سفنًا جديدة بأشرعة أقوى ثم أسلك ذات النهج في المقاومة!

لطالما عانيت من عنادي وتطرفي ولكني عشقت دوما صدقي، وكان نفسه صمام الأمان لكل من حولي حتى تمنيت لو كل من قابلتهم كانوا متطرفين صادقين !

أتعلمين يا عزيزتي

ليتني تبنيت مقولة العراب في كل علاقاتي

الدكتور أحمد خالد توفيق حينما قال :” إن العلاقات السطحية تظل جميلة دائما، أما تعميق العلاقات فهو الطريق الملكي إلى المشاكل، المشادات، الكراهية وفي النهاية تصير حياتك جحيما “.

غير أنني أحب الالتصاق بمواطن الحب، والصداقة بمفهومها الحميمي أروعها.

فكرت كثيرا ما الذي يرجوه الإنسان من علاقاته

أظن أن الجميع يبحثون عن الأمان والسند.

أن تكون الأمان لأحدهم فذلك أقوى تعبير عن الحب؛ أما أن تكون السند فذلك أقوى الأفعال حبا.

اعذريني إن أطلت الحديث ولكنها أفكار جالت بخاطري ووددت أن أطرحها عليك كعادتنا

وربما لأني أشتاق كثيرا لوجودك جانبي..

من الآن أنتظر مجيئك من تلك البلاد البعيدة التي أستأثرت لنفسها رؤية ذلك الوجه الصبوح.

إلى لقاء  قريب يجمعنا يا حبيبتي.

قد يعجبك ايضا
تعليقات