القاهرية
العالم بين يديك

قفصة قنديل اليونسكو

118

للكاتبة والفنّانة التّشكيلية رجاء بن موسى من سوسة تونس
متابعة عبدالله القطاري من تونس

بركان يهزّ الحضارة القبصيّة
ذات الخطوات الأولى للإنسانيّة
يزعزع العصور الرماديّة
و القرطاجيّة والبونيقيّة و الرّومانيّة
لتسّلم لها طارجانوس بنودا للسّلام
و شعارا للمدينة اللاتًينية
وإن كان حنينها لأروبّا قد سبق النّوارس وقانون الطّبيعة
فهي مهد للحياة المدنيّة

ومن جدران السّقيفة يهتز قنديل
متخافت الأمان
على وقع سعال تهتزّ له العيون دعاء
ويشدّد عمّار جبينه بشرّابة اتخذت النّار و الزّرع مجازفة وحياة
و شارية العسف ملقية وسط الحوش
تنتظر منه المقاومة وشدّ الرًحال
فالجبال الثلجيّة صعبة المنال
و تنساق خطواته نحو مسارب القمم
و قطرات من الماء خلفه تدعو له السّلام

و تنار الصّخور نجوما من القناديل
ويختفي القمر فزعا من البراكين
و ضباب الكهوف يفتح فكّه بين الخوف و الأمان
و الماشينة تجرّ القناديل
في ملحمة الأساطير
فالفوسفاط كنز لا يقتنصه إلّا السندباد وسط قعقة إعصار البحار
وقد يتراكم الضّباب ويغمر التّراب
ما تناثر من أنفاس الوجود
و تتلاشى* لمبة الكربون* على الجدران
و ينشر الظّلام وسط القرية
و تتوه طرباقة القاعة بين الرّمال
وتنفرج التّحزيقة
و ترمى التّلثيمة على الأشواك
و تتخبّل سدائل اللّيل

وترسم الخدود خطوطا من ألم الفراق
و عيون تروي عطش الجفاء
بين أطراف الزّمّالة
و نواح تردّده الجبال
و تشدو لها الآهات
**وعلى الماشينة قالوا جيت
ما تبكيشي يا جميلة
ان شاء الله نتلاقو يا عيني**

وترقص النّخلة في وادي البايّ
على أهازيج النّّوارس و وقد أصابت
بركة الرومان سهاما من الإنتصار أمام الخلّان
هي لعبة الأجداد في مجازفة الحياة بين الخفقان و ورفع مشعل النجاة
ومن وراء المنسج ترسم غزال همامة وقد أحاطت نفسها ببخنوق
حماها من العين زربيّة أناظولية
**فحوتة وخمسة وقرن غزال **
هي حكاية أجدادها و مقاومتهم للعسكري التّركي الذّي يجوب الزّقاق
ويحرم النّجوم من الأحلام
و قوافل التّمور بين الكثبان و الجبال هبة و ثراء
و خطوط في قمّتها نار و فحولة
.و في إنحدارها خصوبة و أنوثة
فالمرقوم القفصي كتاب للطّبيعة والتًاريخ حروفه من المقاومة و حبّ
الحياة
و الّليالي سمر للحسان الملاح
و شموع تضاء على منبر للاٌ عوينة
فتخفق لها القلوب و تسارع الخطى
نحو سراب يلتحق بالزّقاق لأميرة البلاط
و قد لفّت بملحفة القمر و شدّت صدرها بخلالين من فضة
و سترت الضّياء و الأقحوان خجلا و حياء
و ألقت بمفتاح الحياة وراء ظهرها فهي حارسة البيت فلا ترميها الأعين سهاما
وهنا يسجّل التّاريخ على صفحتها البيضاء قانون الكرام
و مفتاحها سرّ يفتح كلّ أبواب الحضارات
و تخضب الحيطان خمسة من الحنّّة
وتحت قباب المسجد يخطّ مسار الحياة بين الفاتحة والصلاة على رسول الله وتخفق أجنحة الجباب
تباركا و دعاء بالثّبات و الهناء
وعين تنساب كبريتا وصفاء من البرج ترقص على تهاليل التّرميلة
و تبارك الأيدي فوق رأس النّرجس
ف*العادة اتجي ولادة ،*
ومن أفق الكرورة يتمهّل الفارس
فوق صخور العرّاسة
لتمتزج الحياة بين الأسطورة و حنين للخطوات الأولى

قد يعجبك ايضا
تعليقات