القاهرية
العالم بين يديك

رسائل من أرض زيكولا

144

كتبت_ سالي جابر 

من نادين إلى آسيل

أكرهك نعم أكرهك يا أسيل، رغم كل ما فعلته لتعودين إلى الحياة من أجل من أحبك. أكرهك لأنني فقدت من أُحب، من جعلني أرى الحياة بعينٍ أخرى…كنت لا أريد شيئًا سوى الكسب بلا تعب وها قد كان، وعلى يد من أحب تعلمت الحفاظ على نفسي وقلبي وجسدي، وجئتِ أنتِ من بلاد بعيدة لتكونين سببًا في ضياعه، ضياع ذلك الرجل الذي أصبح لي كل شيء.

نعم أكرهك، لم يكن في خاطري إنقاذكِ لكني قررت ذلك من أجل رجل جعل لحياتي قيمة، إنه يامن… أنا من جئت لأحذره من الخطر الذي يحوم حوله؛ فقد أصدروا قانونًا لخيانته، إنه في نظرهم خائنًا، طلبت أن أكون معه فأنا أصبحت مثله خائنة لزيكولا، حافظ عليَّ من نفسي ومن أفكاري، وعلى هذا الجسد الذي يشتهيه كل من يراه، كنت أظن معه أنني لست أنثى وأستغربه، لكنه وحده من حافظ على جسدي، وعندما قررت العمل كنساء زيكولا الشريفات احتضنني لأول مرة، ولم أنسى ذاك الحضن الذي أثار احترامي لذاتي.

وفي سجننا الذي أخترناه كنا معًا، يحكي لي عنكِ وعن خالد وعن كتابه- الذي كان سبب في معرفتي به-

واليوم وأنا أرى خالد وتميم متيمين بكِ، شخص عاد من موطنه يحمل روحه بين كفيه لأجلك والآخر أشعل الحرب بين بلاده وأرض زيكولا لأجلك، أشعر بالغبطة والغيرة، حُرمت من يامن بعد أن تأكدت أنه يحبني، وفي نفس الوقت الذي أعلم بحبه أعلم بمقتله.

لا أحبك يا أسيل…لا أحبك.

 

من أسيل إلى نادين

عزيزتي نادين؛ وصلتني رسالتك الباكية، أما أنا فأشكرك على كل شيء أولًا: لأنكِ قمتي بمساعدة خالد في إيجاد كتابه الذي من أجله فقد الكثير من ذكائه، ذلك الكتاب الذي جعله لايأكل إلا خبزًا لشهور، ثانيًا: لعبورك السرداب من أجلي، ربما لم يكن صحيحًا عبورك المجهول إلى بلاد لا تعرفينها، ربما لم يكن من أجلي بل من أجل يامن، لكن النهاية واحدة وهي تحملك مشقة وعناء المساعدة حتى عندما لقبوكِ بالخائنة.

كم أحبك يا نادين لهذا العطاء، أما عن يامن فذلك قدره الذي لم يكن لأحد يد فيه، وتلك حلقات متصلة من القدر لو فُقدت حلقة واحدة لاختلفت مصائر شتى.

عزيزتي؛ الحب الذي ملأ قلبك الصافي ناحية يامن هو نفسه الذي حرك قلب يامن وجعله يوقن بموافقتك لطلبه- عبور السرداب- هو ذاك الحب الذي جعل الملك تميم يشعل الحرب، هو نفسه الحب الذي أعاد خالد، وهو ذاته الذي جعلني أكتب إليكِ، لقد أحببت خالد كثيرًا كما لم يحب أحد من قبل، هو سبب لقبي بالخائنة.

كنت أخشى أن أظلم، وأخشى عليه من الموت ولهذا فعلت فعلتي في أوان متأخر، أخطأت كأي فتاة تحب وتغطي عقلها برداء أسود لا ترى منه شيئًا، ولكنه القدر عزيزتي.

ربما نعاني نحن لينجو الآخرين، الحب الذي غير مسار حياتك وجعل لكِ قيمة- كما تقولين- هو نفسه الذي جعلني حزينة لفراقي خالد رغم علمي بهذا القدر.

كيف لعالمان مختلفان أن يلتقيا هنا؟ كيف لحب ثماني سنوات أن ينتهي إلا بتلك النهاية؟ ولهذا فأنا أواسيكِ وأواسي قلبي بفقدان من نحب للأبد.

عزيزتي! سامحيني على خطأ لم أرتكبه عمدًا بل هو دائمًا الحب طريقنا إلى الهلاك إن أسأنا التعبير أو أخطأنا التوقيت.

أسيل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات