القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

في بيتنا فأر

350

بقلم السيد عيد 

كعادتي كل صباح جلست على مكتبي أحتسي قهوتي وأمسكت بالفأرة واذا بمؤشر الراديو .. يهممم .. نجوم إف إم .. ” أسامة منير يحدث احدي الفتيـات برومانسية ..تفقع المرارة . .. ” أصدقائي المستمعين احنا هنتكلم النهاردة عـن الحـب .. الحب بشكل عام .. حتى الحب بين الحيوانات … ” … فأر ! ليس هذا ” أسامة منير ” .. إنه أنا هذه المرة .. فأر .. فأرا صغير الحجـم رمـادي اللـون عريض المنكبين ! .. فـأرا يبـدو أنـه تنـاول حبوبا للهلوسـة أو للشجاعة جعله يبادر بكل صفاقة لأن يقف على الكرسي المواجـه لمكتبي وأنا أستعد لكتابة مقالي .. أنا والفأر وحـدنا في الشقة .. قمت في بطء محاولا الإيحاء للفأر بأني لا أنتوي الهجوم عليـه .. لكنـه الـذكي فطن لهذا ويالمكره قفز في سرعة إلى كرسي بعيـد عـنـي بعـض الشيء واختفى بين ثناياه .. ماذا تفعل لـو كـنـت مـكـانـي ” كـان عنوانـا لبرنامج إذاعـي

وسألت نفسي

هـل عندي مـن الجـرأة والشجاعة التي تجعلني أجلس مع ذلك الفأر وكأنني لم أراه أصـلا ؟ أم أن عندي مـن الجـرأة والشجاعة التي ستجعلني أبحـث عـن ” مقشة ” تصلح كأسلحة دمار شامل يمكن أن تنسف هذا الفأر الجبان ؟ 

بدأت أختلس النظرات اليه ثم اطلقت يدي بمقشة الى رأسه بلطمة قاسية ثم أبتعد مفزوعـا مـن أن يقفـز بغتـة في وجـهـي .. ولا شيء يحـدث .. أستجمع شجاعتي وأنظر أسفل الكرسي .. لا شيء .. أعلى الكرسي

وهو ما جعلني أحضر مصيدة للفئران ولكن ه‍يهات ماذا اضع في المصيدة ليأكله الفأر فالأسعار اصبحت كالنار تلتهم كل شيئ 

صورة واحدة فقط احتلت خيالي جعلت من الفأر مادة دسمة للكتابة وهي صورته داخل المصيدة .

 يا حضرات القراء : حين تغرز السياسة واقعاً هجيناً في مكان وزمان معنيين، يكون الأدب شاهداً على العصر، يقول كلمته في وجه واقع جائر، أصبحنا في فضاء مسرحي مغلق بسياج حديدي من كل الاتجاهات أشبه بمصيدة الفئران،

الاقتصاد المصرى ليس حقل تجارب، والمصريون ليسوا فئران تجارب. والحديث عن قيمة الجنيه وتعويم الجنيه من قبل مَن يعلم ومَنْ لا يعلم أصبح متواترًا بصورة مزعجة. فهناك فراغ في الساحة كبير، ونقص في المعلومات حاد، 

وبوضعية جمهور مراقب للأحداث من خارج ذلك السياج وكأنه يشاهد عرضا من عروض ترويض الحيوانات المفترسة، نجد شخصا يقف خارج السياج وكأنه الناجي الأوحد منه

 كيف يجوز السكوت على هذا الجشع الذي يجتاح العديد من التجار الذين يلهثون بصورة محمومة وراء الربحية والثراء السريع ؟

وأخيرا أصبح يتعين علينا أن نتوخى الحذر ونحن

نحصل على قطعة الجبن كي لا تطبق علينا المصيدة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات