القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

حوار خاص لجريدة القاهرية مع الكاتب والمفكر والفنان التشكيلي سيد هويدي

353

سيد هويدي : أبطال مستشفى ٥٧٣٥٧ استجابوا لمنهج العلاج بالفن على النحو الذي أدهشني
-معرض “علامة إزالة” وثق جبانات القاهرة المهددة بالإزالة
-غياب عنصر المعاصرة لدى أغلب الفنانين يجعل الفن الحديث غريبا

حوار رانيا ضيف

سيد هويدي فنان تشكيلي وناقد سينمائي ومفكر وكاتب له طابع خاص، سيرته الذاتية ثرية للغاية فهو يكتب عن الفن منذ منتصف الثمانينات في الصحف والمجلات المصرية والعربية والأجنبية، عضو المجلس الأعلي للثقافة، لجنة الفنون التشكيلية، مستشار تحرير مجلة الخيال، مدير تحرير مجلة آفاق الإنترنت -أول مجلة عربية في مجال الإنترنت والتي صدرت بالكويت- رئيس القسم الفني لإصدار دليل الكويت، مؤسس صفحة جاليري بجريدة روز اليوسف اليومية.
وساهم في العمل العام من خلال عمله كمدير فني لقطاع الفنون التشكيلية. والمشرف العام المركز الثقافي بمتحف أحمد شوقي (كرمة بن هانئ). المشرف العام علي إدارة البحوث والنشر، المشرف العام على مركز سعد زغلول الثقافي، ومدير عام للمكتبات بوزارة الثقافة . حصل على عدة جوائز منها جائزة الشارقة للنقد التشكيلي عن بحث (صراع الهوية في زمن الحداثة) وجائزة الإبداع من قطاع الفنون التشكيلية عن بحث بعنوان (ثورة الشكل).
صدر من الكتب لهويدي كتاب (متاحفنا) والذي يضم 17 متحفا، وكتاب (المبشرون) الذي يقدم 20 فنانا مصريا اتخذوا من الحداثة منهجا فنيا واتجاه و(صراع الهوية فى زمن الحداثة) وأخيرا كتاب (الفنان سيد عبد الرسول) وكتاب (هويتنا البصرية). شارك بعدة معارض منها (التعويذة 110) بقاعة الباب – متحف الفن المصري الحديث 2019.

– لوحات سيد هويدي تكاد لا تخلو من الخيول فما الرمزية التي تحملها الخيول في لوحاتك؟

الخيول في لوحاتي مرادف للفروسية، وتحمل أكثر من بُعد الأول جمالي خاصة أن الخيول العربية من أجمل المخلوقات وتجمع بين القوة والرقة في آن واحد، وهنا كضرورة للتفريق بين الخيول العربية وأي خيول أخرى سواء من حيث الشكل أو القوة والعنفوان، أبرز اختلافات الشكل هي أن قصبة أنف الحصان العربي علي شكل هلال، بالإضافة إلى دقة الملامح، أما من حيث المضمون فهي رمز الطاقة والحركة والقوة وقد قدمها الشاعر “أمل دنقل” في قصيدة عظيمة بعنوان (الخيول العربية) .. الفتوحات فى الأرض – مكتوبة بدماء الخيول.
وحدودُ الممالك
رسمتها السنابك ..
إلى آخر القصيدة .
بل هناك بُعد شخصي يجعل من الخيول أهم العناصر البصرية التي أحبها أن والدي اشترى لي مهرا وكنت وقتها في العاشرة من عمري .. وقمت برعايته حسب خبرتي البسيطة بمساعدة سايس إلى أن دخلت الجامعة.

– حدثنا عن مبادرتك مع الفنانين التشكيليين “معرض إزالة” .

مبادرة معرض (علامة إزالة) ترجع إلى أكثر من سنة ونصف حيث اتفقت مجموعة كبيرة من الفنانين التشكيليين والمعمارين والمصورين الفوتوغرافيين على ضرورة توثيق جبانات القاهرة المهددة بالإزالة، بسبب عمل محاور مرورية، وعلى مدار أكثر من سنة كنا كل أسبوع في أحد المواقع كمنطقة الإمام الشافعي، ومنطقة السيدة نفيسة بغرض التوثيق وهو الأمر الذي دفعنا أن نجمع هذا التوثيق في معرض بالاضافة للتعبير بصريا بالرسم عن هذه المأساة الملهاة في لوحات تشكيلية، وتحمس للمبادرة رئيس مجلس إدارة أتيليه القاهرة بوسط القاهرة الفنان “أحمد الجنايني” وعملنا المعرض وكانت ردود الفعل إيجابية على المبادرة وتم التعريف بقضية الإزالة لمقابر آثرية تضم تاريخ لشخصيات كثيرة ارتبط بها الوجدان المصري عبر قرون وعقود وأثرت في مسار حياته، وشهدنا تضامنا من المثقفين ورواد المعرض والندوة المصاحبة.

– في الآونة الأخيرة كانت الترندات عن علاقة الرجل بالمرأة، فمذيعة تقف بصف الرجال لدرجة الإهانة والحط من قدر المرأة حتى تصدى لها المجلس القومي للمرأة برفع دعوى قضائية ضدها وأخريات يقفن بصف المرأة درجة العداء مع الرجل ! ماذا تعكس هذه الممارسات الغريبة على الإعلام اليوم ؟

علاقة الرجل بالمرأة، يبدو أننا مازلنا نواجه تداعيات هذه الإشكالية الثنائية، حيث يتبلور النشاط النقدي للنساء لدى العرب حول مساريين: الأول يسعى إلى تساوي الجنسين رغم المعوقات العقائدية والتشريعية، والاجتماعية والثقافية، أما المسار الثان: فهو البحث عن هوية خاصة للمرأة.
هذان المساران شهدا مراحل نضالية مضنية، لإثبات الذات وانتزاع الفرص والتحقق الفردي، والرغبة في إعمال مبدأ تكافؤ الفرص، والمساواة في الحقوق، وطموحات المستقبل المهني، وفيما يبدو أن صراع الإشكالية الثنائية مازال دائرًا .
فيما يخص هذه المذيعة فعملها يندرج تحت مظلة الإعلام المثير بهدف الاستقطاب، وتحقيق نسبة مشاهدة بأدوات رخيصة، لأن الوقت تجاوز طرح الصراع بين المرأة والرجل باعتباره إشكالية، لأن القضايا الآن التي يجب أن تشغل العامة هي قضايا المجتمع ككل وليس عنصر واحد فيه، التهديدات في هذه المرحلة من عمر البشرية مناخية بيئية، تفاقم الحروب، ندرة الغذاء، الأمية الهجائية بنسبها المخجلة لدينا، الأمية التكنولوجية والبصرية والثقافية.

– لم ينصف معظم الفقهاء المرأة وكذلك الأدباء فكيف تعامل معها الفن التشكيلي الحديث ؟!
الفن التشكيلي يحتفي بالمرأة لأن البورتريهات المنجزة للمرأة تفوق المنجزة للرجل جمالا .. ومن حيث الكم أيضًا، وإن كان البعض ينتقد تصوير المرأة من غير ملابس في العديد من اللوحات سواء تاريخيا أو عصريا، فيما يعد هذا التناول احتفاءا بالقيمة الجمالية لجسد المرأة ولكن ليس علي نحو مثير أو حسي.

– في الآونة الأخيرة صدرت قرارات إزالة لبعض المتاحف فما سبب تلك القرارت وهل استجابت الحكومة لموقف الفنانين الرافض ؟

قرارات إزالة لبعض المتاحف في الفترة الأخيرة تمثلت في اقتحام متحف الخزاف “نبيل درويش” على ترعة المريوطية من أحد أجهزة الدولة وإبلاغ حرم الفنان السيدة/ رجاء راشد برغبتهم إزالة المتحف من أجل توسعة طريق المريوطية، وهو الأمر الذي مثل إزعاجًا لأغلب الناس، وقام العديد من رواد التواصل الاجتماعي برفض هذا التعدي الصارخ ومازال الموقف معلقا حتى الآن ..

– قدمت النائبة مها عبد الناصر
طلب إحاطة في مجلس الشعب بشأن إزالة مقابر تراثية لإنشاء طرق في الوقت الذي تحاصرنا فيه الأزمات الاقتصادية فماذا تم في هذا الصدد ؟

مجرد تقديم النائبة مها عبد الناصر طلب إحاطة هو وصول إلى دوائر صنع القرار في الدولة التي تتجاهل صيحات الناس في كل الأرجاء بسبب الغلاء أو ضعف الأداء الحكومي .. الأمر محتدم بين المسئولين ونداءات الناس بضرورة الحفاظ علي الآثار والمقابر، واحترام معنى الموت أحد أهم عناصر الشخصية المصرية عبر تاريج طويل يمتد إلى عصر الأسرات لدى المصري القديم 7 آلاف سنة من عمر التدوين. يمثل الموت تلك الحقيقة الوجودية عند المصري قيمة عليا من الصعب تجاهلها، إلا إذا كان هناك استهداف ممنهج لتغيير قناعات المواطنين وإحلال ثقافة الحجر على اهتمامات البشر .. في غياب الحلول البديلة التي يطرحها المتخصصين وقد شهدت فعاليات معرض (علامة إزالة) طرح هذه البدائل التي تسمح بمسارات مرورية دون المساس بالمقابر التراثية الأثرية.

– قمت بزيارة لمستشفي ٥٧٣٥٧ في ظل الأزمة التي تمر بها المستشفي
كيف تفاعل الأطفال مع الألوان وما تأثير هذا اليوم على سيد هويدي ؟

أبطال المستشفى استجابوا لمنهج العلاج بالفن عن طريق التفاعل مع الألوان سواء معرفيا أو عمليا، وأحبوا التجربة بسبب ما تحمله من متعة وبهجة على نحو أدهشني، اختبرت فيه منهجي للعلاج بالفن وقدرة الألوان على التاثير لدى البشر عامة، إنه عالم رائع ولغة بصرية نحن في احتياج لمعرفة أبجديتها.

– لماذا يهاجم فنانون ومثقفون كبار الفن الحديث ؟
غياب عنصر المعاصرة لدى أغلب الفنانين يجعل من الفن الحديث غريبا، خاصة بعد القطيعة الطويلة للفنون البصرية منذ دخول الإسلام مصر وحتى بداية القرن 20 مع إنشاء مدرسة الفنون الجميلة بحي السيدة زينب، قطيعة بسبب شبهة تحريم الفن أحدثت فراغا تاريخيا كبيرا، كانت الأمم الأخرى قد تقدمت فيه، في مسار بدأ مع عصر النهضة الأوروبية في القرن 15
هذا الفراغ جعل بعض الفنانين في حالة غربة !
في نهاية الحوار نوجه الشكر والتحية للفنان التشكيلي والكاتب والناقد السينمائي سيد هويدي

قد يعجبك ايضا
تعليقات