القاهرية
العالم بين يديك

الكلمات إما محفزات وإما مدمرات

134

بقلم: نادرة سمير قرني

للكلمة أثر كبير على نفس كل منا، ولو يعرف كل إنسان ما تتركه الكلمات في نفوس الأخرين لفكر أكثر من مرة قبل أن يتفوه بالكلمة، فالرئيس يستخدم كلماته لتوجيه مرؤوسيه، ولكن القائد الذكي هو الذي يستخدم كلماته بحنكة فيوجه مرؤوسيه بكلمات طيبة تشجعهم وتحفزهم على العمل وتجعلهم يبذلون قصارى جهودهم للنهوض بمستواهم، على النقيض الأخر هناك القائد غير المتمكن الذي يستخدم كلمات كلها تحمل اللوم على مرؤوسيه فبدلاً من أن يشجعهم يجعلهم يحبطون، يعيشون في حالة من عدم الثقة بالذات ولا بعملهم الذي يقدمونه، وقد يؤدي بهم الحال إلى الاكتئاب، وقد يترك الكثير من هؤلاء عملهم وينتقلون إلى مكان أخر بحثاً عن التقدير والاحترام.
وقد صدق الشاعر عبدالرحمن الشرقاوي حين قال:
أتعرف ما معنى الكلمة؟….مفتاح الجنة في كلمة… دخول النار على كلمة.. وقضاء الله هو كلمه
الكلمة لو تعرف حرمه زاد مزخور…. الكلمة نور…. وبعض الكلمات قبور.. وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري…. الكلمة فرقان بين نبي وبغي
إن الكلمة الطيبة صدقة، وعلى كل منا عدم رمي الأخر بكلماته المؤذية، فكثير ما نسمع عن حالات وفاه كان سببها الحزن والحزن ما هو ناتج إلا عن تراكمات لكلمات صعبة على النفس، ومواقف لأشخاص، وقد يكون سبب الحزن ما هو سوى تراكمات لمجموعة من الهموم، ما أقصد قوله إننا علينا جميعاً أن نفكر ونتريث قليلاً قبل أن ننطق بكلماتنا، فالكلمة كالسهم، قد ترمي بها شخص فلا يهتم بها، وقد تصيب شخص تقلب حياته وتقتله نفسياً، وقد قال رسول الله (r) “مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ”
كما قال المولى عزوجل في كتابه العزيز: الأية 24 : 26 من سورة إبراهيم : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء% تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ %وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ)
على الرئيس على المعلم على الطبيب ذاته الذي يعالج المرضى أن يتعامل بذكاء مع مرضاه فلا يصدمهم بمرضهم بأسلوب قوي، ولكن الطبيب الذكي هو الذي يمهد لمرضاه فيهدأ من خوفه وبكلماته التي تحث على التفاؤل حتى وإن كان الوضع متأخراً يمكنه أن يؤثر في حالة مرضاه النفسية فيجعل لديهم تفاؤل ورغبة في الحياة.
بكلمات المعلم قد يجعل من التلميذ شخص محترم ويجعل منه نبتة طيبة يجعل منه طبيب أو ضابط أو مهندس أو طيار، وقد يجعل بكلماته من التلميذ شخص فاشل أو مجرم أو نصاب أو غير قادر على تحمل المسئولية وليس لديه ثقة بالنفس.
لذا علينا جميعاً أن نحاول قدر الإمكان أن تختار الكلمات الطيبة التي لا تؤذي مشاعر الآخرين ولا نفسياتهم، علينا أن نقدر الآخرين ونحفزهم لبذل قصارى جهودهم في عملهم، علينا أن نفكر في الكلمة ألف مرة قبل أن ننطق بها، وإلا فكم ستكون عدد ضحايا كلماتنا، وكيف سيكون وقعها على أذانهم، هل ستمر مرور الكرام أم ستكون نهاية لعمل أو نهاية للتعامل مع الأشخاص المؤذيين، أو ستكون نهاية حياة شخص….لا أعلم ولكني أعلم جيداً أن الكلمات تدخل على القلوب فقد تؤذي القلب وتدمره أو تحفزه وتشجعه على الحياة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات