القاهرية
العالم بين يديك

نبذ التمييز العنصري

118

بقلم دكتورة سلوى سليمان
١٧ / 1 / 2023

لقد خلقنا الله سبحانه وتعالى سواسية ، لا فرق بين أعجمي وعربي الا بالتقوى والعمل الصالح ،فديننا الحنيف وايضا باقي الأديان السماوية ينبذ التفرقة العنصرية، فالتنوّع الثّقافي سنَّة طبيعية في البشر، وجدت حتى يتعارفوا ويتكاملوا في الأدوار والمسؤوليّات، وليست باباً للعنصريّة وغلبة فئة على أخرى، فليس في عرف الله من تفاضل سوى بالتّقوى {إنَّ أكرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُم}. فباتت العنصرية كجدار يفضل بين البشر بل صارت قنبلة موقوته تنذر بحرب دامية ،فغدتّ مكافحة العنصرية والتمييز بجميع أشكاله ركناً من أركان السلام والتلاحم الاجتماعي، ولا سيّما في مجتمعاتنا المعاصرة التي لا تفتأ تزداد تنوعاً.
هل فكرت يوما في كم المعاناة التي يشعر بها شخص تنبذة فقط للونه او دينه ، الم تعط لنفسك وقت بسيط تدخل في أعماقه وتعرف أحاسيسه وتفكيرة فقد يمتلك قلبا ابيضا ويفكر بمنطقيه وبطريقة مرتبه أفضل منك بل ويحظي بشهادة علمية ووظيفة لم تكن تحلم ان تنالها.
لذلك حُدد اليوم العالمي للتنوع الثقافي ونبذ التّمييز العنصري، والذي يوافق التاسع والعشرين من شهر يوليو من كلّ عام. نحتفل به او نذكرة لتعزيز وتشجيع الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين .

فما هو موقع هذا اليوم الآن في ظلّ ما نشهده ونسمع به على مساحة الكرة الأرضيّة من مظاهر العدوانيّة الصارخة على كرامات الأفراد والشعوب وعلى حقوقها؛ فتبقي المشكلة قائمة ونحن في غفلة فنرى الضمير العالمي نائماً غافلاً عن جرائمه وحصاره للشعوب المستضعفة ، كما نرى تباهيه بعنصريّته على بقيّة الشعوب. لذلك تدعو اليونسكو، بمناسبة هذا اليوم جميع الدول الأعضاء في المنظمة وجميع شركائها إلى مضاعفة الجهود المبذولة من أجل بناء عالم أكثر شمولاً وتضامناً وإنصافا ًللقضاء على التمييز العنصري، تلك الجرثومة الزاحفه الفاتكة بعقول الأفراد والمجتمعات،، وتؤدي إلى إدامة المظالم واشتعال الغضب واشتداد الحزن والأسى وتفاقم العنف.

فلنبدأ مكافحة العنصرية على المستوى الفكري الفردي، ونأمل بعد ذلك تعميمها على سائر المستويات، استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة الذي يقوم على مبدأي الكرامة والمساواة بين جميع البشر، وأنّ جميع الدول الأعضاء قد تعهّدت باتخاذ إجراءات جماعية وفردية، بالتعاون مع المنظمة، بغية إدراك أحد مقاصد الأمم المتحدة المتمثّل في تعزيز وتشجيع الاحترام والمساواة دون تمييز .ولكن كيف لنا ترجمة الكلام الوارد في الميثاق الأممي إلى واقع مشهود وملموس؟!
بتنا لا نرى سوى الكوارث والمجازر والجرائم التى ترتكب بحق الشعوب المستضعفة بسبب اللون والدين وحرمانهم حقهم وعدم احترام المقدسات الدينية ، ومن جهة ثانية ، نرى ما يجري ترويجة في الشّارع الغربي من مظاهر
” الإسلاموفوبيا “التي تخفي تحتها الكثير من الممارسات السلبيَّة تجاه المسلمين، كما أنَّ الممارسات بحقِّ الأقليّات الدينيّة يعدّ انتهاكاً صارخاً لحقوقها في الوجود، والبقاء والتعبير عن الذات ويكون النزوع إلى التمييز أمراً خطيراً يجيد صنّاع الكراهية استغلاله.

لذلك تدعو اليونسكو،دائماً في ظل تفاقم الأفعال التي تشجع على ممارسة التمييز بحق الآخر وعلى كراهيته ، إلى تحرك لنشر قِيم التضامن والتعاطف والإيثار.

اخيرا …لا يوجد في ظل عالم متنوع، أي سبيل آخر غير التفاهم واحترام الآخر. أمّا بناء الأسوار والجدران الرامية إلى عزل الآخرين، ليس أمرا مجديا؛ لان تنوعنا مصدر قوة، لابد أن نتعلم كيف نستقي منه وسائل الابتكار الإبداع والسلام. وكلما زاد احترامنا للآخرين زاد احترامنا لأنفسنا.
ولهذا باتت اليونسكو تدعو ،نداءات حسيسة ،جميع الدول الأعضاء في المنظمة وجميع شركائها إلى مضاعفة الجهود المبذولة من أجل بناء عالم أكثر شمولاً وتضامناً وإنصافاً، فضلا عن أنها تعمل مع المعلمين والمتاحف والناشرين من أجل السعي إلى مكافحة الصور والقوالب النمطية التي تؤدي إلى وصم أفراد أو شعوب بسبب اللون أو الأصل أو الانتماء، . فلا يكفي أن يعرف المرء مساوئ العنصرية، بل يجب أن تكون لديه وسائل وتدابير لمكافحتها وفضحها أينما برزت بأي شكل من الأشكال ابتداءً بالإهانات الطفيفة المبتذلة وانتهاءً بأعمال العنف الشديد الخطيرة…..

قد يعجبك ايضا
تعليقات