بقلم_نهال يونس
سعادة الإنسان الحقيقية دوما تكمن في راحة البال الّتي يسعى إليها عبر كافة الوسائل والطرق طيلة حياته وهي الحالة العكسية والمنطقية للشقاء النفسي والاضطراب الذي يسلطه الله تعالى على كلّ من يُعرِض عن ذِكْرِه، فمن أعظم النعم في هذه الحياة راحة البال، فإن من ذاقها في حياته فكأنه ملك كل شيء، ومن فقدها في حياته فكأنه لم يملك شيئاً ،فلا شك أن الإنسان في هذه الحياة الدنيا يمر بكثيرٍ مِن الابتلاءات والمحن في النفس أو الأهل أو المال أو غير ذلك، والدنيا لا تصفو لمخلوقٍ دون كدرٍ أو تعبٍ، وفي ظل أحداث الحياة المتلاحقة، يبحث المرء عن راحة البال وصلاح الحال وطيب النفس.
يقول الله عزّ وجلّ: «قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى».
السعادة وراحة البال غاية كلّ إنسان في هذه الحياة، وبينما تفضَّل الله تعالى على عباده المؤمنين بإخبارهم بمصدر تلك الطمأنينة ،ولكن ما زال الإنسان الغير المؤمن منذ فجر التاريخ وحتّى الآن يبحث عن تلك الطمأنينة الّتي تنقذه من القلق الّذي يفتك به.
لقد أخبر الله تعالى المؤمنين عن مصدر الطمأنينة الّذي لا يمكن لشيء في هذه الدّنيا أن يسدّ مكانه مهما علت في نظر النّاس قيمته ومكانته، فقال تعالى في كتابه العزيز: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ».
مهما سعى الإنسان إلى البحث عن راحة البال بشتى زخارِفِ الدّنيا وشهواتها، فلن يجِد إلى ذلك طريقًا، ولن يهتدي إلى ذلك سبيلًا، إن السببَ الحقيقيَّ للحياة الطيّبة بمُختلَف صُورِها يكمُنُ فيما بيَّنه خالِقُ البشرية بقولِه جلَّ وعلا: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً».
فمَن أرادَ السّعادةَ الدائِمةَ والراحةَ التامَّةَ ظاهرًا وباطنًا، في القلبِ وفي الجوارِح، فعليه أن يركن إلى جنب الله، و يمتثل إلى أوامره سبحانه و تعالى.
لأجل أن يؤمن المرء لنفسه راحة البال، فعليه اتباع عدة خطوات أولها أنه لا نجاة له من الموت، بل هو ملاقيه وإن فر منه، وثانيها أن لا راحة دائمة في الدنيا، وأن الأيام قلب، إن سرت نفساً ضاحكة ساءت نفساً باكية، وثالثها أن لا سلامة من الناس على الدوام، وأنه مهما كان حذر منهم واعتزلهم فالسلامة منهم غير مضمونة، وإن من الخطأ البين ظن كثير من الناس أن راحة البال لا تحقق إلا بالعزلة دون الإختلاط، وأخيرا أنه لا راحة بال لمن لا رضا له، فإن الرضا بالله وبقضائه وقدره أساس لراحة البال.واعلم أن الراحة الحقيقية الأبدية هي في جنة الله تعالى، وقد سٌئل الإمام أحمد -رحمه الله-: “متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة