القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

وقفة مع آية

127

رانيا ضيف

بسم الله الرحمن الرحيم
“وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)

كان قد فسر المفسرون الآية ٥٩ من سورة الفرقان بأن نسأل عن الله سيدنا محمد لأنه أعلم الخلق بالله .
لا شك أن مقام النبوة عالٍ رفيع المقام ولا جدال في مكانة سيدنا محمد العظيمة ولكن الله وصف نفسه بذات الصفة في الآية السابقة قائلا: وكفى به بذنوب عباده “خبيرا ”

ومعنى الخبير؛ العالم بكُنْه الشّيء، المطّلع على حقيقته، الذي لا تخفى عليه خافية.
بالجمع بين الآيتين والمعنى لكلمة خبير
فالمقصد أن اسأل يا محمد الله عن الله .

قال تعالى:”وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا “

أمر الله (تعالى) نبيه بالتوكل عليه بعد أن يئس من المشركين؛ ليكون خالصا للدعوة إليه؛ وليكون معتمدا عليه وحده؛ وليكون ذلك تبشيرا للنبي – صلى الله عليه وسلم – بالنصر عليهم؛ وأن الله (تعالى) معطيه ومن معه القوة الدافعة؛
و” التوكل ” ؛ معناه: اعتماد القلب على الله (تعالى)؛ واتخاذ الأسباب الظاهرة؛ وإن لم تكن هي وحدها الناصرة؛ إنما هي وسائط؛ أمر – سبحانه وتعالى – باتخاذها من غير اعتماد عليها وحدها؛
ولقد وصف الله سبحانه وتعالى – وصفين لذاته العلية يؤكدان أنه لا يعتمد إلا عليه؛ الأول: أنه الحي الكامل الموجود؛ الثاني: أنه – سبحانه – لا يموت؛ فهو الباقي؛ ومن يعتمد على من يموت لا يكن له معتمد بعد موته؛ أما من يعتمد على الباقي؛ فمعتمده باق لا يفنى.

وبعد أن أمر – سبحانه – بالتوكل عليه وحده؛ أمر بالتسبيح؛ وهو التنزيه بوصفه بصفات الكمال المطلق؛ من قدرة وإرادة ووحدانية؛ وغيرها من الصفات التي لا يشبهه فيها أحد من خلقه؛ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ؛ العلي الكبير.
ومن توكل عليه لا يحتاج إلى غيره؛ ولا يغني غناءه أحد من خلقه؛ وقوله (تعالى): بذنوب عباده خبيرا ؛ بذنوب ؛ جار ومجرور متعلق بقوله (تعالى): خبيرا ؛ و ” الخبير ” ؛ هو ذو العلم الدقيق؛ الذي لا يعلمه غيره؛ وقدم الجار والمجرور بذنوب ؛ على متعلقه؛ لبيان الاهتمام بالعلم بهذه الذنوب؛ وأنهم مجزيون بها؛ فإذا كانوا قد عاندوا وضلوا وصدوا عن سبيل الله (تعالى)؛ فإنهم مأخوذون بذنوبهم؛ و خبيرا ؛ حال من ضمير به؛ ومؤدى القول الكريم: وكفى به خبيرا بذنوبهم؛ وهي خبرة وراءها جزاؤهم عليها؛ وهذا تهديد شديد؛ وإنذار بليغ.
مقتبس من زهرة التفاسير مع التعديل

قد يعجبك ايضا
تعليقات