القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

تونس الرومانية

97

تقرير/ عبدالله القطاري من تونس

احتوى المجال التونسي خلال العهد الروماني على أكثر من 200 مدينة بكل معالمها الرومانية المعروفة، وإضافة إلى قرطاج، عاصمة إفريقيا البروقنصلية، نذكر من هذه المدن: هدرومتوم (سوسة)، نيابوليس (نابل )، توقا (دقة)، مكتريس (مكثر)، سيكا فينيريا (الكاف)، أوينا (أوذنة)، تيسدروس (الجم)، وغيرها من المدن التي أنشات أو أعيد تهيئتها على النمط الروماني.
وتميّزت مدينة قرطاج على بقية مدن إفريقيا البروقنصلية باعتبارها عاصمة الولاية وثالث مدينة في العالم الروماني بعد روما والقسطنطينية (اسطنبول حاليا) من حيث التوسع العمراني وعدد السكان حيث كانت تمسح 315 هكتار وتعد حوالي مليون ساكن في أواخر القرن الثاني الميلادي.
تعددت وظائف المدينة في إفريقيا البروقنصلية على غرار باقي المدن الرومانية واشتملت الوظائف الإدارية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وفي علاقة بهذه الوظائف أحدثت معالم على غرار الفوروم (الساحة العمومية)، والكابيتوليم (معبد الديانة الرسمية للدولة الرومانية)، والحمامات والمسارح نصف دائرية ودائرية كمسرح مدينة تيسدروس.
كما تميزت المنطقة عن سائر الولايات الرومانية بإزدهار فن الفسيفساء الذي تأثر في إفريقيا البروقنصلية بالمدرسة الإسكندرية (أي اعتماد المكعبات متعددة الألوان)، فقد إتتشرت اللوحات الفسيفسائية في كامل مدن الولاية، بل وتنافس الأثرياء فيما بينهم في تزيين بلاطات منازلهم باللوحات الفسيفسائية وتنوعت المواضيع التي جسدتها هذه اللوحات، إذ نجد اليوم بالمتاحف التونسية لوحات لمشاهد صيد ومصارعة ومشاهد تجسّد الحياة اليومية على غرار أعمال الفلاحة والصناعات الزراعية إلى جانب الطقوس والشعائر الدينية.
وتميز المجال التونسي في العهد الروماني بالنشاط الزراعي وقد سمّيت تونس آنذاك بمطمور روما، وذلك لأهمية إنتاجها الزراعي الذي كان يعتمد على الحبوب والكروم وزيت الزيتون.
وقدرت صادرات قرطاج من الحبوب إلى روما حسب المصادر الرومانية خلال فترة الازدهار الزراعي بحوالي 1.2 مليون قنطار سنويا هذا إضافة إلى بقية صادرات المنتوجات الزراعية الأخرى كالزيوت والخمور.
وفي مجال الثقافة والفكر أسهمت الولاية في إثراء عناصر الحضارة الرومانية، وخير دليل على ذلك حضور روائع الكاتب والخطيب لوشيوس أبوليوس في الأدب الغربي. كما أعطت الولاية القديس أوغسطينوس (350-430) والذي فاقت كتاباته كتابات أي مؤلف آخر من المؤلفين القدماء. ومن خلال هذه الكتابات التي تناول فيها قضايا فكرية وموضوعات لاهوتية ميزت ذلك العصر على غرار الحرية والخلق والثالوث، لم يؤثر أوغسطينوس في معاصريه فحسب، بل أثّر أيضا في التطور اللاحق الذي شهدته الثقافة الغربية.
أما في مجال مجال السياسة، فقد كان للولاية أيضا كلمتها فالعائلة السيفيرية التي حكمت الإمبراطورية كانت من أصل إفريقي وأشهر أبنائها الإمبرطور سيبتيموس سيفيريوس أو سيبتيم سيفار الذي حكم بين 193 و211 م.

قد يعجبك ايضا
تعليقات