للكاتبة والفنّانة التّشكيلية/رجاء بن موسى من سوسة تونس
متابعة عبدالله القطاري من تونس
ملحمة الإلياذة و الأوديسة
تفتح صفحاتها على جزيرة النسيان
وبين نسمات الموج بجعات بيضاء
تلملم بقايا حصان طروادة
وتحت شجرة التّفّاّح
يستلقي أودسيوس على الرّمال مبعدا هزيمته من ذاكرته خجلا من الفنيقيّين
و كهف النّسيان ضبابه أساطير وخرافات و حكايات
قد أخفى عنه جنوده و سقاهم
شراب الّلوتيس
و مراكب ثلاث نورهم من السّماء
قد أقامت كنائس و معابد و مساجد
تحت ظلال النّّخيل و مسارب الواحة وثنايا الحفر و مدّ موج البحر
وفي قلّالة وحومة السّوق و أجيم وميدون
كان للإباضبّة فنون في العمارة
فمن فوق قبة سيدي جمّور تنقر حمامة قد اكتست نور الإيمان حبّات القّمح وداعة من كلّ قرصان ومستعمر
وكان لنا سلام لمسجد فضلون قد حوى تاريخ الإنسان و جعل لقومه درعا من كل عدوان
ففي محرابه ينشد لمواسم جني الزّيتون معصرة
و لسنوات العجاف مخزن مؤونة للقمح و القرنيط المجفّف و العسل والتين
و قبابه المنقورة منارة للقوم و مرفأ سلام للعالم
و للبراعم كتّاب و لوحات من القرآن
و بين محميات اليونسكو صور
للتّراث و حضارات الإنسان من فينيقيّين و رومان و قرطاجيين وأمازيغ
و تقديسا لهوميروس بين أساطير الشعوب
و جناح الخطّاف قد مرّ ارتواء من فسقيّة تنشر بساتين ميدون تفّاحا و وزيتونا و تينا ونخيلا
و *وين جيتي *تجد نوارس انتشرت تحت ظلال النخيل تنشد بأناملها مظلات تحجب نجوما اللّيل ضياء
و خلال فضّي قد تمايل على صدرها يحنّ على لحاف صوفي متموّج على أنغام شمس الأصيل بين البحر الأحمر والأبيض المتوسّط
فبدا مالوفا أندلسيّا بإيقاع أمازيغيّ
و طاووس قد خلع تاج الكبرياء وتوّج به بنت الجزيرة وطرب لوقع خلخالها و وتوشّى بالفضّة
و الكنتيل من تغليلتها
و من ريشه قنديل بدّد ظلام شعرها في الواحة لمّا تخطّى لها ابن السّلطان راميا قفطانه على سرجه شباكا و زغاريد باروده في السّماء إيذانا للعشق و الهيام
فتعلو بها الجدايريّة جفاء من غدر الأرض و أمانا بين أحضان السّماء
وان احتجبت عن الشّمس وظلت بين أحضان القمر حتى يكتمل بهاؤه فلتكتس من رحيق النّحل و أديم الأرض عبق النّرجس وخجل زهر الرّمّان
فأيّام الحجبة لها طقوس و حشمة ورزانة و بهاء
وفي زاوية سيدي عبد القادر محفل الرّايض ذهب و فضّة و ليرة مهر من صابة البحر و الجنان
و افتخار من العريس أمام عروشات لواتة.و هوارة و نفوسة و زواغة وكتامة و مصعب و لمايا و زناتة
وفي الحوش محفل الجلوة
نقرات الشّوشنات ترقص لبنت الجزيرة المتربّعة بجلبابها البسكريّ يكشف عن رديّ معطّرا ذهبا و فضة
فهي الكاهنة على صدرها العناج يترنّم
وخجل من البربر الونيس على سواد شعرها نجوما تتلألأ
و الوشوش على جبينها هديّة من ملوك الأمازيغ
وقد زاده البوندي ذكرى لأياّم الأندلس
و من أجيم للزيتونة بركة وقداسة في ايّام البربورة فطواف العريس حولها بركة و بعدا عن العين والحسد
و في حومة السوق تساور الجحفة الطّبل و الزّكرة
وهي ترقص على نغمات الشّالة والقرقني رقصات صوفية تتناغم مع الكون وتنسجم مع تيجان النخيل
و أساطير الجزر
و قلال تتعالى فرعنة و كبرياء
تحت خطوات واثقة بين مدّ وجزر وسط جلباب ليس له مدى قد أحكمه حزام يرحل بصاحبه إلى أهازيج الصحراء و زهو شيخ القبيلة تحت الخيام وصيد الحبارى و الغزلان
و تتهافت لها القلوب على أنغام *ودايا من الطفلة العربية امشات تملى في الماء*
و بطّاح يتهادى هديّة من أسطول
جرجيس و غزو للمغامرة و الأحلام
و موج يناجي القمر خيالا لكلّ عاشق
فقد كان للخرافات و الأساطير والحضارات حبر يرسم حكايات الأبطال والشّعراء
و يسجّل على صفحات اليونسكو جربة جزيرة الأحلام