القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

باب زويلة

117

تقرير _نهال يونس

أشهر أبواب القاهرة وحامل أسرارها والحارس الأمين
على كنوزها وتراثها
باب زويلة ليس ككل الأبواب ولكنه باب له خصوصية وتاريخ يميزه عن غير من أبواب القاهرة الفاطمية فمن هذا الباب دخل الخليفة الفاطمى المعز لدين الله القاهرة وبدخوله من هذا الباب تحولت مصر من مجرد ولاية تابعة للخلافة العباسية إلى مقر للخلافة الفاطمية ومركز لحكم امبراطورية كبيرة عمرت أكثر من مائتى عام
لست هنا بصدد الحديث عن عمارة الباب وإن كنت سأشير إلى ذلك اشارة سريعة فباب زويلة هو أحد أبواب القاهرة الفاطمية فى السور الجنوبى شيده جوهر الصقلى عندما أحاط القاهرة بسور وكان بناءه من الطوب اللبن وذلك عام 358هـ ثم جاء الوزير الأرمنى بدر الدين الجمالى فى عام 480هــ والذى قام بهدم اسوار القاهرة القديمة وعمل على زيادة مساحة المدينة وشيد الأسوار وبواباتها من الأحجار ومن بين تلك الأبواب التى اعيد بنائها بالحجر باب زويلة والجدير بالذكر أن باب زويلة كان بابين وليس باب واحد حتى ذكرته بعض المصادر باسم بابا زويلة إلا أن المعز لدين الله عندما قدم إلى مصر دخل من باب فتفائل الناس بالدخول والخروج منه وتركوا الباب الآخر الذى سد فيما بعد
ولقد أشار المقريزى فى خططه لباب زويلة وذكر أن الباب الأصلى كان يتكون من قنطرتين وكانت إحداهما يسمى باب القنطرة وكان هذا الباب الذى دخل منه المعز حينما جاء الى القاهرة وحذا حذوه الناس جميعا أما القنطرة الثانية أو الباب الثانى فكانت تعتبر شئوما ومن ثم لم يكن يعبر منها أحد وأن الباب الثانى لم يعد له وجود وليس هناك اى اثر له
وتتكون بوابة زويلة من برجين كبيرين مستديرين مصمتين لنحو ثلثيهما ويشغل الثلث الأخير من كل برج حجرة للدفاع ويحصر البرجان بينهما مساحة تنتهى بفتحة الباب الذى يغلق عليه باب ضخم من الخشب المصفح بالحديد يفضى هذا الباب الى مساحة مغطاة بقبة ضحلة محمولة على مثلثات كروية
عرف باب زويلة بأسماء كثيرة ودرات حول هذا الباب الكثير من الحكايات التى يرقى بعضها إلى الحودايت والاساطير فقد أطلق عليه اسم باب زويلة نسبة إلى قبيلة زويلة المغربية التى جاءت إلى مصر صحبة جيش جوهر الصقلى واستقرت فى هذا المكان وعندما شيد الباب نسب إليهم وعرف بهم .
كما عرف هذا الباب باسم بوابة المتولى وقيل فى هذا الكثير من الكلام منها أن هذة التسمية نسبة إلى القطب المتولى وهو ولى من أولياء الله كان للناس فيه اعتقاد وله كرامات وقيل أنه مدفون فى هذا المكان وكانت الناس تتبرك به .
وقيل أيضا أن الباب عرف بالمتولى نسبة لجلوس متولى الحسبة الذى يقوم بتحصيل الرسوم من التجار الذين يدخلون مدينة القاهرة .
ولقد أشتهرت البوابة بين العامة باسم بوابة المتولى وعرفت فى المصادر والمراجع المختلفة باسم باب زويلة وهو أشهر أبواب القاهرة الفاطمية بل هو أشهر أبواب مصر المحروسة على الاطلاق لما ارتبط به من حكايات وحوداث تاريخية كان لها أبلغ الأثر فى تاريخ مصر المحروسة والمصريين .
ترجع أهمية هذا الباب كما أشرت فى السابق إلى أنه كان البوابة التى دخل منها أول خليفة فاطمى وهو المعز لدين الله والذى بدخوله إلى القاهرة أصبحت مصر مقرا للخلافة الفاطمية منذ عام 361هــ وحتى عام 567هــ
وفى العصر المملوكى زادت أهمية هذا الباب وأصبح علامة مميزة على جبين القاهرة المملوكية وخاصة فى بداية العصر المملوكى البحرى وبالتحديد فى عصر السلطان قطز والذى استغل هذا الباب فى تعليق رقاب رسل التتار والذين جاءوا إلى القاهرة حاملين رسالة قوية ومرعبة لقطز والمماليك مما جاء فيها
” لقد خلقنا الله من سخطه وسلطنا على من حل عليه غضبه فاتعظوا بغيركم فانا لا نرحم من بكى ولا نرق لمن شكا ” هذة رسالة التتار غلاظ القلوب ألى قطز والمماليك وكانوا يأملون أن يصيب الفزع والرعب قلوب المصريين ويسلموا ويستسلموا ولكن هيهات فقد كان رد قطز عليهم غير متوقع حيث قطع رقاب مبعوثيهم وعلقها على باب زويلة وبذلك أرسل اليهم رسالة قوية ما زال باب زويلة يحملها لكل من تسول له نفسه العبث بمصر أو التقليل من شأن المصريين
ومن هذا التاريخ أصبح لباب زويلة شهرة فى تعليق الرقاب عليه .
كما أصبح لباب زويلة شهرة كبيرة فى العصر المملوكى الجركسى وذلك بعد أن استغله السلطان المؤيد شيخ كقاعدة لبناء مئذنتى مسجده وبعد بناء المئذنتين فوق الباب أصبح الباب مميزا وأخذ شكلا جميلا لم يتكرر بعد ذلك فى العمارة الاسلامية فى مصر
وكما شهد باب زويلة تحول مصر من ولايةإلى مقر للخلافة الفاطمية فقد شهد أيضا سقوط دولة المماليك والتى حكمت مصر أكثر من مأتين وخمسون عاما فقد احتدم الصراع بين العثمانيين والمماليك وهزم العثمانيون المماليك فى مرج دابق عام 1516م وقتل السلطان الغورى وتولى السلطنة بعده أبن أخيه الأشرف طومانباى
وكان فارسا قويا شجاعا رفض الاستسلام لسليم العثمانى وأصر على المقاومة وتمكن من تكبيد العثمانيين الكثير من الخسائر حتى تمكن منه العثمانيين بعد أن خانه بعض من المحيطين به وتم القبض عليه وسيق إلى باب زويلة لينفذ فيه حكم الاعدام شنقا وسط جموع الناس حيث طلب منهم طومانباى أن يقرأو له الفاتحة ثلاث مرات وتم اعدامه وتعليق رقبته على باب زويلة وبموت طومانباى عادت مصر مرة أخرى ولاية تابعة للعثمانيين وشهد باب زويلة نهاية عصر وبداية عصر وسقوط دولة المماليك
تلك هى حكاية باب من أشهر وأهم أبواب القاهرة ذلك الباب الذى بمجرد أن تدخل من بوابته تجد نفسك فى شارع من أهم شوارع العالم وهو شارع المعز حيث الشارع الذى يضم أكثر من ثلاثة وثلاثين أثرا مسجلا فى عداد الاثار الاسلامية بالقاهرة ولا تجد فى العالم شارعا يضم هذا العدد من الآثار التى تمثل العصر الفاطى والأيوبى والمملوكى والعثمانى وعصر محمد على
لقد كان باب زويلة شاهد عيان شهد على أحداث القاهرة التاريخية حيث شهد الانتصارات والانكسارات النصر والهزيمة الأفراح والأحزان ورصدت هذة البوابة على جدرانها كل هذة الأحداث كأنها قصيدة نظمت على الحجر سجلت أبياتها ملاحم من تاريخ القاهرة المحروسة وما زال باب زويلة يقف شامخا يرصد ويسجل ما يمر بالقاهرة المحروسة من أحداث.

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات