القاهرية
العالم بين يديك

رانيا ضيف تكتب “شروق جديد”

340

أجواء غريبة وشعور عام بالاغتراب، أنفاس تضيق وأخرى تنشد الحرية، حروب واقتتال ونزاع يجوب الأرض دون رادع، ابتذال وإسفاف يشيع فيتغذى على ثمرات الإبداع والتميز وبراعم الجمال  لا أحد يكترث، الكل لاهٍ يشغله أمره وشأنه الخاص وربما يأس منالقدرة على تغيير الحال .

تأملتُ حالي؛ أنا التي اعتادت أن تمسك  بزمام الأمور، أتحكم بحياتي حتى بأدق تفاصيلها أو هكذا كنت أظن، كانت خطواتي ثابتة، وقرارتي قاطعة، ما عرفت الخوف ولا اعترفت بالفشل يوما، ولا طرق اليأس بابي، أراني مقاتلة عنيدة، تَأخذُ الدنيا غلابة، وإن خَرجتُ من المعارك منهكة القوى أظل أحاول حتى لو تعثرت وسقطت وامتلأت جوارحي بالندبات السطحية منها والعميقة .

لم أتردد عن طرق غرف قلبي المظلمة وتلك الدهاليز والممرات المخيفة التي قد يصيبني مجرد المرور أمامها بالقشعريرة .

رأسي مرفوع وعقلي حر، أَلِفتُّ تقلب الحياة بين هبوط وصعود ويسر وعسر حتى اكتشفت أن القوة لا تكمن في المقاومة إنما في الثقة مع التسليم .

أن تسعى في الحياة مجتهدا مستمتعا تخوض الدروب وتسلك الطرق في سبيل الخروج من المتاهة مبتسما لا منتصرا .

تستريح وقت الحاجة فلا شيء ولا أحد يستحق أن ترهق روحك لكي تثبت أنك بطل لا تخور قواه !

أن ترضى عن سيرك وخطواتك في الرحلة لا عن نتائجها عملا بالهدي الربانيوَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَاسَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى

لن يسألنا عن نتيجة سعينا  بل عن السعي ذاته!

أن نعرف كيف نلعب مع الحياة ونتقبل الهزيمة مرات ونتطلع للفوز بقلب ضحوك مستبشر وبروح عفية لا تعترف بالخوف .

الخوف ذلك الوهم الذي كبلنا بقيوده ونزع عنا توازننا وثقتنا فكان ولازال أشد ابتلاءات النفس البشرية، معيقها الأول عن النجاح، عقبتها الصلدة وحاجزها المتين في طريقها للوصول للسلام .

لم أكن أعلم أن الخوف عملاق وهمي إلا حينما واجهته وأمسكت بأطرافه الهزيلة وألقيت به خارج قلبي.

كان يعاود الرجوع كطفل صغير يتحسس باب بيته شاعرا بالاغتراب والعزلة ولكني إن ضعفت وسمحت بدخوله أبقيته صغيرا.

أما الآن لازالت الحياة تلاعبني وتستمتع بمحاولات جذب انتباهي وإشعال شغفي؛ أما أنا فمللت اللعبة، وزهدت السير في الطرق الوعرة والمتاهات المتتالية، ألوذ بصمتي ومراقبتي وتأملي.

أستنشق الهواء مستلقية على ظهري ناظرة للسماء مترقبة شروقا جديدا .

قد يعجبك ايضا
تعليقات