متابعة عبدالله القطاري من تونس
الشاعر الغنائي المرحوم محمّد بوذينة وقصيدته في رثاء المرحوم الفنّان يوسف التميمي شحرور الخضراء..
يقول صاحب المقال :
وأنا اتصفّح ديوان الشاعر محمّد بوذينة ابن الحمّامات عثرت على قصيدة كان رثى بها الفنّان الكبير المرحوم شحرور الخضراء يوسف حمام التميمي الذي وافته المنيّة في سنة 1983 بعد مسيرة فنية وثرية بالاغاني التونسية الجميلة التي غنّاها بصوته الشجيّ العذب ولايزال من يتذوّقون الفنّ يطربون لسماعها الي اليوم في زمن قصّرت فيه وسائل الاعلام من إذاعات وتلفزات في بثّها متنكرة في كثير من الأحيان لمن حققوا مجد الاغنية التونسية الاصيلة وارتقوا بها كلمة ولحنا وغناء. وقد وجدت في هذه القصيدة الرثائية ما يدلّ على اعجاب كبير لدى الشاعر محمد بوذينة وصدق في التعبير عن محبته لشحرور الخضراء وهو ابن جهته ووطنه تونس كما وجدت فيها تعبيرا عن الاحترام والتقدير بين الفنّانين والمبدعين وتثمينا لجهودهم وفي هذا رسالة الى مبدعينا ومثقفينا اليوم وغدا ليكونوا متحابّين ومتضامنين ومتنافسين كّل في مجاله خدمة للفن والابداع.. وفي هذه القصيدة التي لم تخل من طرافة في شكلها ومضمونها رغم هول المناسبة مناسبة الموت وفقدان شخص وصديق عزيز وجدت الشاعر يحرص على التذكير بالعديد من مطالع الاغاني الجميلة التي غنّاها بجودة عالية الفنّان يوسف التميمي الفنان الذي حذق الفنّ بانتسابه لفرقة سلامية الشيخ بن محمود ثم في الرشيدية ومع الفنّان الشيخ المرحوم خميس ترنان ليختمها بالتذكير بما يجده الفنّان العظيم من غبن في حياته ليسعد فقط بطيب الذكر حين يدفن وبعد مماته وقد كان من الأجدر تكريمه وهو حيّ يرزق في وطنه وبين أهله..
وفي مايلي أنشر قصيدة الشاعر المرحوم محمّد بوذينة الذي تشرفت بمعرفته عن قرب هذه القصيدة في رثاء المرحوم الفنان يوسف التميمي الذي كان غادرنا كما أسلفت الذكر سنة 1983 وتحديدا في شهر أوت ولا أنسى الترحّم على روحيْ هذين العلمين من أعلام الفنّ في بلادنا..
رثاء الفنّان يوسف التميمي
يا عين ابكِي بالدموع وحنّْ
ابكِي وعزِّي الفنّْ
الخلخال ذهبي ما بقاش يرنّْ
ابكي عالشحرور والألحان
ابكي على الفنّان
نتفكّروه تشدّنا الأحزان
يوسف خيالو دبغ في الاذهان
ويعيش للزمن
فنّ التميمي في القلوب سكن
حزنت جميلة وسالمة تكوات
ومنزل تميم بكات
فنّانها الشحرور بالدمعات
غنّى طموح الناس في الغصرات
وصْبرْ في المحن
نيشان ذهبي شاد في الوطن
شاح القرنفل والورق ذبال
وما فاقش الرمّالْ
بين الخمايل ما تبقّى غزال
سرب الحمام شرد في الأجبال
والورد ولّى تبنْ
ساعي البريد احتار في العنوان
والنهج بالدخّان
وشارع الزهور ما بقات فيه أغصان
المحبوب سافر والدرك ألوان
خلّى السحاب يحنّْ
الامطار عمّت بادية ومدن
أمّ الشعر حرير شاب شعَرها
متحيّرة خواطرها
الليل جاها والنعاس هجرها
أحّيت مننك ليعتي ما أكبرها
حوض الحبق نتنْ
ونار المحبّة طافية في ركُنْ
جبين فاطمة عرقان من الأيام
ماضواش عندو أعوام
وشطّ البحر الليل جاه ظلام
الموج حاير بان مثل رخام
والوعد فات الظنّ
وطير الحمام السهم فيه مكنْ
القلب ساهي ما عرفش الحبّ
القزدير ولّى ذهب
يا عين ابكِي بالدموع وصُبّْ
عود القماري في بلادو حطب
هذي حظوظ الفنّ
الفنّان يسعدْ يوم يتدّفِنّْ
الشاعر محمّد بوذينة
الحمّامات : أوت 1983