القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

للدعاة غير المتخصصين والملتزمين المندفعين

105

كتب_فرج العادلي 

 

أقول لهم: بعد موقعة الجمل رفع قومٌ أمر رجلٍ قتل زوجتَه ورجلاً كان معها في المنزل، ولم يكن له شهود، فتحيَّر معاويةُ-رضي الله عنه- في أمر هذا الرجل ولم يغامر ويتخذ قرارًا حتى لا يخطئ.

 

فماذا فعل ؟

أرسل خطابًا عاجلًا وسريًا لأبي موسى الأشعري-رضي الله عنه- يطلب منه أن يستفتي في هذه الواقعة علي بن أبي طالب _رضي الله عنه- ! وقال له لا تخبره من أين أتت الرسالة.

 

وكان كلُ واحدٍ منهما استقل بدولة، وبينهما عداءٌ شديد.

فقال عليٌ _رضي الله عنه(بفطنة شديدة) لأبي موسى، إن هذا الأمرَ لم يحدث في أرضي فأين حدث ؟

 

وشدد على أبي موسى _رضي الله عنه- فأخبره مكرهًا وقال له حدث في أرض معاوية وأرسل يستفتيك وطلب ألا نفصح عنه!

فأجابه عليٌ على السؤال لأنه لا ينبغي كتم العلم.

 

ووالله كدت أن ختنق بعبرتي لهذه الواقعة.

وقلت سبحان الله العظيم.

 

فمعاوية ما تجرأ أن يفتي وهو أميرُ المؤمنين في الشام، وكان من كتّاب الوحي، وقبل هذا وذاك هو صحابيٌ جليل.

 

كل هذه الألقاب ويرسل سرًا يستفتي خصمه الأول والأوحد في ذاك الزمان. !

 

فلماذا كل هذا !

 

أولا: هؤلاء عرفوا قدر الله تعال فخافوه وحفظوا حدوده.

ثانيا : لأنه يسأل أهل الذكر كما أمره الله وهو يفعلها طاعة لله تعالى، فمن أقضى من ابن عمِّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم-؟

ثالثا : يخشى الظلم؛ لأن الظلمَ ظلماتٌ يوم القيامة.

رابعًا : لأن القضية قضية دم والكلام في الدماء أعجز الفقهاء والعلماء.

 

خامسًا: هو ينزل الناس منازلهم حتى وإن كان أشد وألد أعداءه.

إنه الإنصاف الذي غاب عن دنيا الناس بل قُبر وأهيل عليه التراب

 

سادسا: يقدمون رضى الله على رضى نفوسهم وشهواتهم.

إذ كيف يرسل لخصمه ليستفتيه !

 

عجبا لكم يا صحابة رسول الله، إن كنتم مسلمين فماذا نحن !؟

وإن كنا مسلمين فماذا كنتم !؟ فهل يجوز أن نكون نحن وانتم سواء ؟!

 

ولهذا وغيره أنادي غير المتخصصين بالبعد كليًا عن الدعوة والفتوى لأنهم يقحمون أنفسهم وغيرهم في سخط رب العالمين، ويجرون الناس لنزاعات وخلافات ما أنزل الله بها من سلطان.

وأقول للناس لا تأخذوا إلا عن المعتبرين…

 

لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف.

ولو ذهب كل واحدٍ يعمل في ما يعمل سواء العالم أو الطبيب أو السياسي، أو الحقوقي وكرَّس وقته وجهده في تخصصه وترك باقي الفنون والعلوم لأربابها وأصحابها لأراح واستراح وأبدع غاية الإبداع.

قد يعجبك ايضا
تعليقات