القاهرية
العالم بين يديك

حديث الأشجار

397

 

بقلم / سامح بسيوني

في ليلة من ليالي الشتاء والسحب منذرة بأمطارها،والنجوم اختفت مع غيوم سمائها،والرياح تداعب الأشجار فتميل يمينًا و شمالًا؛ فرحة كصغير بين ذراعي أمه فيجلجل بالضحكات.

فخرجت ليلًا؛ لأخلو بنفسي من عناء يومي، واحتمي بمعطفي من شدة زمهرير الجو وقرصة برده.

فسألتني الأشجار ليلًا بأن أقذف نفسى فى التيار، فقلت لها إلى أين؟ إن أرض الله واسعة فهل من الهجران؟!

قالت: أذهب إلى الذهب والفضة قلت لها :أريد أن أذهب إلى الصدق والإخلاص وأبتعد عن عن الغدر والنفاق.

أبحث عن عدل وحب وإيمان صادق في الحياة.

قالت الأشجار:وما منعك من الخروج والهروب إلى تلك الحياة؛ قلت لها: وكيف الخروج وقد أغلقت الحدود بأسياج من الحديد تركها المستعمر؛ ليفرق بها الشعوب، وتباعدت بذلك المسافات بين الأوطان.

وأصبح الموطن ضيق على من فيه وتاهت معه مباهج الحياة والسرور.

فسألتني الأشجار أتريد جنة أم نار؟ فقلت لها: أريد الراحة قالت: اتعني الموت! قلت كلا: بل أريد حياة فيها الإنسان!

فردت على متعجبة من أمري أضاع الإنسان في حياتكم!

فأجبت لها في الحال ضاعت المروءة والوفاء والإخلاص، نبحث عن حرية غابت مع غروب شمسها؛ تنتظر فجرًا جديدًا للحياة، ونبحث عن مساواة في الحقوق والواجبات.

أحلم يا أشجاري بمدينة خالية من النفاق وأعيش بين أناس يقدرون معنى الحياة.

أحلم بأناس يأخذون منكم بعض الصفات، ومنها الايثار فكم من أناس استظلوا تحت ظلكم! فهل من مغرم كنتم تسأءلون؟!

فنادتني شجرتا الزيتون والتين وقالتا : ألم يقسم الله بنا في القرآن وعلمنا بأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم،
ولكن بنفسه المتمردة رد إلى أسفل السافلين، ألم تفهم بأن هناك استثناء فلما اليأس والقنوط.

فقلت لهما فى الحال: أنا لست يائسًا و لاقانطًا إنما أبحث عن هؤلاء الصالحين في التو والحال.

ونادتني شجرة الزقوم من بعيد وقالت أأصبحت حياتكم كطعمي؟!
قلت لا أبالغ :إذا قلت أصبحت أشد مرارة وظلما.

وأصبح الإنسان يبحث عن شجرة الخلد وملك لايفنى.

وخاطبتني الأشجار بأن أبث الأمل في نفوس البؤساء،وقالت لي قل :لهؤلاء هنيئًا لكم بشجرة يقال لها طوبى في جنة عرضها السموات والأرض، فطوبى للجوعى والعطشى، طوبى للمظلومين طوبى لمن فقد معنى الإنسانية،
طوبى للإنسان الذي عاش من أجل الإنسان.

وقلت للفقير هنيئًا لك ستسير تحت شجرة ظلها ممدود وطلحها منضود، ففي ظل طوبى لا حنين ولا كدر.

واستيقظت من أحلامي وخيالي على صوت حفيف الأشجار والعصافير تزقزق من فوقها تصدر أجمل الألحان، ونسيم العليل يرسل بداخلي روح التفاؤل في غد مشرق بإذن الله.

قد يعجبك ايضا
تعليقات