القاهرية
العالم بين يديك

في الخطوبة

158

كتبت – باسنت مدحت
ذهبت العروس لتلتقي بعريسها في الخطوبة، ارتدت فستانًا  أسود لامع، غطت شعرها بقماش أسود ولم تسقط حتى خصلة، وضعت مساحيق تجميل قاتمة اللون أقرب إلى السواد فوق عيونها وعلى شفتيها حتى أظافرها، اشمئز العريس لما رآه وكذلك الضيوف، ابتسمت له وللآخرين، رأتهم يهمسون لبعضهم البعض ومنهم من ألقى عليها نظرات ازدراء، ومنهم من أسمعها كلمات مسيئة، أما عريسها لم يفعل شيئًا سوى أنه لم يجد كلمات ليتفوه بها فلزم الصمت وعيونه تحوي غضباً مكتوماً.
بدأت الدفوف والأغاني في الانطلاق، انتشرت في الأجواء روح الأفراح، لم يقم أحد من مكانه ولم يصفق أحد، قامت من مكانها وأخذت تتمايل على الأنغام الموسيقية، أغمضت عيونها، أسقطت دمعة، مسحتها بيديها بخفة، وكلما حاولت أن تسقط دموعًا أكثر ترقص بشدة فلا يلتفت إليها أحد، ألقت نظرات الملامة إليه، (لماذا يفعل مثلهم!، ألا يعرفني وحدي!) تمتمت لنفسها في حزن خفي، جذبت بعض من الضيوف ليرقصوا معها فقام البعض مجاملة لها والبعض الآخر تحجج أنه مريض، رقصت وحدها، غنت، ضحكت بسخرية، جذبت يد العريس ليرقصا سوياً، اعترض، همس لها غاضباً بأن تهدأ وتجلس قليلاً، لم ترض، تركته، رأت علامات تحول وجهه، تجاهلته، ذهبت لتحضر الدبلة حينما لم يقم أحد من مكانه، ثم وضعت الدبلة في أصبعه وألبستها لنفسها، التقطت عدة صور سيلفي، كانت تضحك مثل المنتصرين، باركته وباركت الجميع بينما لم يباركها أحد، لم ينتظروا الحلوى، غادروا منزلها متأففين  ووراءهم العريس كأنهم في قطار، أوقفته  قائلة بصوت عالي: تفضل خاتمك، وامش معهم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات