القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

معلومات لأول مرة عن ام اليتامي السيدة فاطمة بنت سيدنا الحسين

134

كتبت _ وفاء خروبه 

 

بمناسبة الليلة الكبيرة لحضرتها نقول 

إنها حفيدة الزهراء وبنت سيد الشهداء السيدة فاطمة بنت سيدنا الحسين إبن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبى طالب وهى الدينة النيرة القريبة الشبه بجدتها الزهراء البتول السيدة فاطمة الزهراء بنت سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في جودها وجلدها وزهدها .

 

وقد سميت عليها السلام ” بأم اليتامى  و  أم الحنان  : حيث كانت السيدة فاطمة صاحبة مروءة وكرم ، وقد ضمت إليها اليتامى اللائي فقدن الآباء ، ولهذا سميت رضي الله عنها بأم اليتامى و أم الحنان .

 

و السيدة فاطمة النبوية هي بنت أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي ، أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحد المبشرين بالجنة “طلحة الخير” كما كان يناديه الحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت السيدة أم إسحاق زوجة للإمام الحسن عليه السلام وقبل وفاته وصى أخاه الإمام الحسين عليه السلام أن يتزوجها ، فتزوجها وأنجب منها السيدة فاطمة عليها السلام ، وقد ولدت له “سيدنا علي” المشهور عام أربعين هجرية بالمدينة المنورة ، وقد أنبتها الله عز شأنه أحسن نبات وزكاها أفضل تزكية ، في بيت أبيها الإمام الحسين عليه السلام فورثت عنه الكرامة والشجاعة والفصاحة والعلم والكرم والسخاء وقد تربت تربية محمدية متجللة بالجمال والكمال مرتدية رداء العفة والجشمة فكانت شجرة مباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها.

 

وقد ولدت السيدة فاطمة النبوية في أوائل العقد الثالث من الهجرة بين ثلاث أخوات وستة إخوة من أبناء الإمام الحسين ، فالذكور هم أسيادنا : ” على الأكبر ” ، و” على الأوسط ” ، و” على الأصغر ” الملقب ” بزين العابدين ” ، و” محمد ” ، و” عبد الله ” ، و” جعفر ” ، والإناث هن سيداتنا : ” أم كلثوم ” ، و” زينب ” ، و” سكينة ” ، و” فاطمة ” عليهم السلام أجمعين ، وقد توفى كل الذكور في حياة أبيهم وأكثرهم قد استشهد في كربلاء معه ولم يبق إلا الإمام زين العابدين وهو الذي جعلت فيه ذرية الإمام الحسين إلى عصرنا ، وبارك الله فيها وبسطها شرقاً وغرباً.

 

نشأة حضرتها 

 

نشأت السيدة فاطمة النبوية عليها السلام نشأة حسنة بين أحضان أبويها تمرح في ظلهما متمتعة بشباب نضير وما بلغت سن العشرين حتى كانت آية في الجمال ومظهرا من مظاهر الكمال قد أودع الله في نفسها روحاً طاهرة زكية وقلباً تقياً نقياً في صدق بالغ وإخلاص عظيم ، فرغب الناس في تزويجها لينالوا شرف هذا النبل الكريم فاختارها أبوها الحسين لابن عمها سيدنا الحسن المثنى بن سيدنا الحسن السبط قائلاً له : قد اخترت لك ابنتي فاطمة إذ هي أكثر شبها بأمي فاطمة الزهراء عليهاالسلام.

 

زواج حضرتها

 

فتزوجها سيدنا الحسن ابن سيدنا الحسين  ابن عمها وبذلك تمت لها السعادة إذ كان سيدنا الحسن سيداً من سادات بنى هاشم ومفخرة من مفاخرهم فوجدت فيه كل صفات الرجل الطاهر القلب النقي السيرة والسريرة وقد استطاعت بفضل ما آتاها الله من حكمة أن تدرس طباع رجلها درسا جيدا وبهذا أحسنت السلوك معه على الطريقة المرضية التي تكون بين الزوج وزوجه فنالت عنده المنزلة الأولى والمقام الأجل وأصبحت إرادته رهن رضاها وقد قامت بتأدية وظيفتها الزوجية من كل وجوهها أحسن قيام فعاش كلاهما عيشة كلها الهناءة والرضا والتوفيق ترفرف عليها آيات الطهارة والقداسة ويتهادى بين ربوعهما شرف العنصر المقدس الذي ينتسبان إليه وقد أنجبت منه أقمارا كالبدور السافرة منهم ( سيدنا عبد الله المحض ) وسمى بالمحض ( أي الخالص ) لسمو قدره نسباً وحسباً ويلقب بالكامل لكماله وكان شيخ بنى هاشم وسيدا من ساداتهم روى الحديث عن أمه وعبد الله بن جعفر وسعيد بن أبان وروى عنه مالك وسفيان الثوري ، ومات رضي الله عنه بقصر ابن أبى هبيرة ظاهر الكوفة سنة 145هـ على المشهور وله من العمر 75 سنة ، ( وإليه ينسب المشهد الذي بجهة عابدين بشارع الشيخ عبد الله ويزار بحسن النية ) وقبره في موضع الحبس على شاطئ الفرات ..

 

وقد أنجب أولادا صالحين تشعبت ذريتهم في أقطار المماليك الإسلامية وانحصرت فيهم الخلافة إلى آخر أيامها ( ومنهم إبراهيم الغمر ) – بالغين – ومعناه واسع الخلق كثير المعروف والعطاء ، مات هو الآخر بسجن المنصور عام 145هـ ، وهو آخر من مات فيه من بنى الحسن وله بمصر فروع كثيرة جمع غالبهم المشهد المعروف بمشهد آل طباطبا بالقرافة بالقرب من عين الصيرة ومن ذريته ( السيدة صفية ) المدفونة بسجن مصر محافظة القاهرة ، والسيد محمد الحسيني المعروف بالأخرس صاحب المشهد المعروف بشارع السبتية ظاهر القاهرة ، وثالثهم ( الحسن المثلث ) وقد مات بسجن المنصور أيضا في السنة المذكورة ونقل جثمانه إلى ينبع النخل فدفنت بمسجد العشيرة وضريحه معروف إلى هذا التاريخ ، وإلى جانبه قبور طائفة من ذريته من أعيانهم الإمام أبى الحسن النقاتى ، روى سيدنا الحسن عن أبيه وأمه وعنه فضيل بن مرزوق وله عند ابن ماجة حديث واحد وامتد عقبه من ولديه على العابد وعبد الله ، وإلى ولده على العابد المذكور ينتهي نسب السادة البكرية المدفونين بمسجد الإمام الشافعي من جهة الأم وهم وبكرية الشام الذين منهم العالم الكبير مصطفى البكري دفين الصحراء خارج باب البرقية بالبستان صرح واحد ، وقد كانت عناية السيدة بتربية هؤلاء السادة النجباء عناية بلغت حد الوصف وما نشئوا في أحضان أبويهم وفى ظل ذاك الحنان العائلي حتى ألقت المقادير على تلك الزهرة النضيرة في ربيع حياتها عاصفة قوية ، إذ ذهبت جل آمالها بفقد أبيها التي قد شاركته راضية مختارة بمالها وبنفسها وبأولادها غير مبالية بما هنالك من المصاعب والمتاعب ، فقد فقدت بموت سيدنا الإمام الحسين عليه السلام كل آيات العطف والحنان ولذلك راحت ذاهلة لا ترى للحياة بعده طعما ولا جمالا ولعمرى إن موت سيدنا الحسين أثار الحزن في نفس أمة الإسلام جميعا فكيف بأبنائه وبناته تلك الذكرى يندمل لها الفؤاد حقا فلا عجب أن نرى ذلك القلب قلب السيدة الكبرى يتحطم وتملك عليه تلك المأساة كل سبيل فلم يعد يفكر إلا في هذا المصاب المدلهم الذي أصاب منه الصميم ، هكذا كانت نفسية هذه السيدة الطاهرة بعد تلك الذكرى الدامية التي لازال يتردد صداها في أنحاء العالم بأسره فتلهج ألسنة الصادقين بقوله تعالى ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) .

 

وفاة زوجها سيدنا الحسن المثنى عليه السلام : –

 

فما لبثت أن فوجئت للمرة الثانية بفقد زوجها فتزايدت حسراتها وتصاعدت زفراتها ، فقد شاركها في شرف الأبوين وشاطرها في مواريث الوالدين خَلقا وخُلقا لكن تمكنت من تبديل حالتها والاستيلاء على نفسها بنفسها في حين ما أوحى إليها زوجها في ساعة نفسه الأخير وروحه على أبواب الفردوس يحفها الملأ الأعلى من بشائر المصافاة والمحاباة التي قضياها في الحياة الزوجية ، وقد أعرب كلاهما عن ذلك قولا وفعلا 

 

زواج السيدة فاطمة النبوية عليها السلام بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنهما : –

 

فتزوجت السيدة منه وقد استطاعت أن تسير معه بتلك السيرة المرضية ، فكانت عونا له ومعينا فرفعت عنده منزلتها وهذا مثال الزوجة الصالحة التي تمتاز أفكارها الطاهرة وبشعورها الحي اللطيف وبأخلاقها البهجة وبصبرها الجميل وعفتها النقية ، فكانت للسيدة رضي الله عنها تهيض في الصباح مبكرة تؤدى ما عليها من حق مفروض لخالقها وواجب مقدس لرجلها ثم تقوم بمهام تدبير شؤون منزلها ( هذه هي مشاركة المرأة زوجها حمل أثقال الحياة ) وهذا هو عمل كل امرأة أوتيت من الحكمة نصيبا وافرا فما أجل هذا العمل و أشرفه 

 

أولاد حضرتها من عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنهما : –

 

وقد صار لها من زوجها هذا أولادا كأنهم الأقمار أولهم ( محمد الديباج ) سمى بذلك لفرط جماله إذ كان ذا سمت جميل ونفس زكية نقية أخذه أبو جعفر المنصور ثم أمر به فضربت عنقه صبرا وبعث برأسه إلى خراسان في سنة 146هـ وله عقب مقل ، وثانيهم ( القاسم ) وكان له بنت من ” خديجة بنت عثمان بن عروة بن الزبير ” انقرضت ، ثم ( رقية ) وقد قدمت مصر ، قيل في معية أمها وقيل بمفردها ، وموتها بمصر مشهور لكن مختلف في الأول .

 

مواقف من حياة حضرتها : –

 

إن أهل البيت مع عظيم مكانتهم عند الله والتي تنقطع عن دركها أفهام الأذكياء ، خُصوا بأعظم أنواع البلاء ، ففضلا عن حسد صنائعهم وربيبي نعمتهم وغمط فضلهم من شانئيهم وعجز محبيهم واضطهاد الحكام وعوادي الأيام ، فليس أشد على نفس المحب من فقد محبوبه بين كل الأدواء والآلام ، وقد مرت السيدة فاطمة في منتصف شبابها بمحنة من أشد ما مر على آل البيت ، وكم مرت بهم من محن وكم دهتهم من خطوب ولكن لن يكون إلى آخر الدهر مثل يوم كربلاء الرهيب ، وقد قدر للسيدة فاطمة أن تكون مع أبيها الإمام الجليل ساعة استشهاده هو وأكثر أهل بيته وأولاده ، ثم تؤخذ مع الرهط النبيل المفجوع إلى قصر يزيد حيث جابههم بغليظ الكلام والسيوف حولهم مشهرة والعيون بالرثاء أو الشماتة ناظرة ، غير أنه سرعان ما استخذى أمام جرأة سيدي زين العابدين عليه السلام والسيدة زينب عليها السلام بنت مولانا الإمام علي عليه السلام ، وتطامن كبرياؤه أمام ثبات جنانهما وقوة حجتهما ، وصرخت فيه السيدة فاطمة في استنكار : أبنات رسول الله سبايا يا يزيد ؟! .. فخجل يزيد وقال : بل حرائر كرام وأدخلهن على أهله وبالغ في التودد إليهن محاولا أن يصلح من وقع جريمته الشنعاء على قلوب المسلمين حتى قالت السيدة سكينة عليها السلام متهكمة على ما يفعله : ما رأيت رجلا كافرا بالله خيرا من يزيد بن معاوية!! ..

 

ومن دلائل جودها الفريد ما حدث منها في رحلة الرجوع للمدينة من كربلاء فقد كان يصحبها وأهلها رجل من أهل الشام بعثه يزيد لرفقتهم ، فلم تنس السيدة فاطمة في مثل موقفها العصيب وحزنها الدامي أن تهتم به وأن تفكر في مكافأته فأخذت من أختها سكينة سوارين ودملجين وبعثت بها إليه ، إلا أن الرجل ردها قائلا أنه صنع ذلك لقرابتهم من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 

إنتقال حضرتها : –

 

توفيت السيدة فاطمة رضي الله عنها في ربيع الأول سنة 110 هـ ، وقد توفيت بعد أن عمرت حتى قاربت التسعين سنة ، ولا يكاد يوجد خلاف بين المؤرخين في وفاتها وإنما الخلاف الوارد في موضع الوفاة وغاية ما ذكروه في هذا الباب بطريق الإجمال أنها قدمت مصر للمرة الثانية بعد وفاة زوجها عبد الله هي وابنتها منه رقية فأقامت بها يسيرا من الزمن وتوفيت في السنة المذكورة ودفنت بمحل سكنها بالحطابة ( تعريف قديم للمنطقة الواقع بها مشهدها وما تقارب منها ) ثم توفيت ابنتها رقية وغلب على ظن بعض مؤرخي المزارات المصرية أن السيدة رقية هذه هي صاحبة المشهد المعروف بالسيدة رقية بشارع الخليفة تجاه مسجد فاطمة شجرة الدر وهذا الخلاف المعروف في كتاب الأنساب فقد نقل عنها أن المدفونة بهذا المكان هي ” السيدة رقية بنت سيدنا زيد الأبلج ” أخت ” السيدة نفيسة بنت زيد ” المدفونة تحت القبة المعروفة ” بمعبد السيدة نفيسة ” قبلة شارع الزرايب بين المقابر بالقرب من المشهد النفيسي ونستصوب ذلك لشهرة دخول السيدة نفيسة بنت زيد إلى مصر ووفاتها بها ، وما يذكر أن هذا المشهد فيه ” السيدة رقية بنت سيدنا علي بن أبى طالب ” فليس بشيء ، وفى ( الكواكب السيارة ، لشمس الدين ابن الزيات ) ما يستصوب منه دخول السيدة فاطمة بنت الحسين إلى مصر ووفاتها بها لكن لم يخطط قبرها بهذه الناحية بل ذكره في مقابر القرافة الصغرى في المنطقة الأولى التي ما بين قبر القاضي بكار ومقبرة آل طباطبا إلى مشهد المالكية وأخبر ( بأنه أي القبر ) هو المعروف بقبر مقبل الحبشي قال : وهذه التربة ليست له وإنما هي تربة السيدة فاطمة بنت الحسين ، ونقل بعض المؤرخين مصر عبارة الكواكب وقال فيحتمل أن يكون هذا المحل كان في الأصل محل سكناها فقط ..

 

محلة الحطابة : –

 

وكون هذه المنطقة هي محلة الحطابة خسي تعريفها لا شبهة في صحة ذلك فقد ذكر ابن الزيات ص 89 في الكلام على قبر الشريف من ذرية سيدنا عبد الله المحض يدعى محمدا ، قال : وكان بعض الزوار يقول أنه أخو الشريف سعد الله الذي مشهده بالقاهرة بالحطابة ، ونحوه في مصباح الدياجى لابن الناسخ حيث قال في تخطيط قبر سعد الله هذا ، ثم تأتى محلة الحطابة ظاهر القاهرة هناك ” ضريح السيد / سعد الله بن هبة الله الحسيني وهو من ذرية الحسين الأبعدين ” وعلى قبره رخامة مكتوب عليها نسبه وتاريخ وفاته ، فدلت هذه الشواهد على أن هذه المنطقة كانت فيما سلف تعرف بمحلة الحطابة وأن فيها قبورا لسادة أشراف ، قال ياقوت في مشترك  

البلدان : محلة الحطابة ومحلة حلب هما محلتان كبيرتان ظاهر القاهرة ( ومحلة حلب في منطقة شارع الحليمة وما تقارب منها ) وإلى الآن هذا التعريف القديم موجود واقتصر في إطلاقه على المنطقة القريبة من قلعة الجبل وباب الوزير ، ولهذا وهم صاحب الخطط الجديدة فتوقف في معرفة من هو سعد الله المقصود بالذكر فذكره بنفس المنطقة على الاصطلاح الحديث بما عرف من أفواه العامة من انه ” ابن عبد الله المحض ” وذكره في منطقة الحطابة المتقدمة على طريق الاحتمال محجوزا بأن يكون المشهد المعروف بهذه المنطقة بمشهد السادة الشرفاء هو مشهد الشريف سعد الله ( ونتيجة ذلك الاقتصار في البحث ) إذ الشريف سعد الله هذا ورد مذكورا في كثير من مصادر الأنساب وطبقات العلماء ، وذكر نسبه صاحب الكواكب في كلامه على قبر ابن عمه الحسين بن علي الافطسي المدفون بقرافة قريش بالقرب من مشهد أم كلثوم ، وقال : ووفاته سنة 695هـ ورفع نسب السيد سعد الله هذا ما استطلعناه من المصادر المشار إليها .

 

وفي النهاية نقول لقد شرفت مصر بمقام السيدة فاطمة النبوية الشريف عليها في أرضها ، ولها بالدرب الأحمر مسجد جليل وضريح عظيم عليه من المهابة والجمال والأسرار والأنوار ما يسر قلوب الناظرين صلوات الله وسلامه عليها وعلى أهل البيت الطاهرين المطهرين والذرية المباركة في كل وقت وحين.

قد يعجبك ايضا
تعليقات