القاهرية
العالم بين يديك

انتظار رحيل ٧ أكتوبر٢٠٢٢

193

بقلم/ سالي جابر
عزيزي أهلًا؛ لم أكن أعلم أنها تلك الطريقة الوحيدة لاجتياز اختبارات الحياة، ولم أكن أدرك أنها الوحيدة التي ينتهي معها ذكر الألم لأحد، ولن أفهم من قبل أنها سهلة وبسيطة للدرجة التي يقولها أحد لك وهو يمثل الألم وبداخله حياته دون أن يعيرك أدنى انتباه، دون الربت على كتفك بحروفها، لكنها أربعة أحرف ساخرة من الألم، ومن غباء المتألمين.
عزيزي؛ لا أريدها…لم أقص عليك حكايتي بدموع غزيرة إلا لثقتي بك، من شدة حبي الزائد لك، لتعلقي بوجودك، لحرماني للذات الحياة من دونك … والآن ارحل ومعك تلك الكلمة، في غياهب الحب تلتقي كل الآلام، بئرّ معطلة ليس بها ماء، ولا هي مُجدية لشيء سوى أنها كانت في يوم من الأيام، أثبتت الدنيا ضحالتها وثقوبها، وأنها تنفث الألم كدخان سيجارة لها زمن في جيب عباءة قديمة رثة في دولاب مخاوفك.

هل تتذكر بالأمس القريب حينما تحدثت عن علمك وقلمك وبراعتك في رسم السعادة على وجوه الآخرين؟ كنت أنصت إليك بقلبي وعقلي، ثم طار لُبي إلى أول يوم تحدثنا فيه عن أحلامنا، عن بساطة الدنيا، عن خوفٍ يرجف من خوف فراقنا، واليوم أنت هنا معي ولست بجانبي، أمامي ولا ترى عبوسي، في قلبي بفؤادٍ خالٍ من الحنين .

تذكرت القمر والليل في بيداءنا، كنت أنت قمرٌ في سماء زرقاء صافية، وأنا رمل صحراء في ليلٍ عاصف، تجرده الرياح من أحلامه، تمشط رأسه حبيبات رمال و زخات مطر، تسقيه كؤوس من الخمر، مثملة، عابسة، رافضة لتلك الحياة.

عزيزي، لا ترحل من قلبي فحسب بل ارحل من عالمي كله، جُل الأمل في جنبات الألم، وكلاهما واحد بتبادل المقاعد، هذه أنا وتلك أيامي معك، حكايات قاسية على ضفاف نهر قارب على الفيضان، فغرقنا سويًا وغرق صبانا وأحلامنا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات