القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

أحبب من شئت

129

 

د.طارق درويش

 

فطرة الحب وحرية الاختيار

 

 الحب فطرة مزروعة في قلب كل إنسان فلا بد من وجود الحب، وذكر الله تعالى وجود الحب فحب الله ورسوله تجد كل الذي تحتاجه وعندما تشعر بالضيق وكأن العالم من حولك يضيق فأذهب إلى خالقك وبالصلاة اشكي له همك وألمك وبالرغم من أن الله بعيد ولكنك ستشعر بأنه قريب وقربك في كل حين . فللحب أنواع وهي: أولًا الإعجاب، ويكون عند النظر لشخص لأول مرة، والنوع الأخر من الحب هو أن تجد شخص بجانبك في كل وقت وأن تخبره بماذا تشعر وما سبب ضيقك , فهو يساعدك ويقاسمك الهموم، فلك حرية الاختيار في الحب فأحبب من شئت . الفراق يحدث أن يتعلق المرء أحيانًا بشخص -أيا كان- تعلقًا شديدًا فيحبه ويتفانى في خدمته ويتودد إليه لدرجة يعتقد معها استحالة الحياة من دونه، وهو في ذلك صادق! فجأة وعلى غير موعد يُنتزع المحبوب من محبيه انتزاعًا، ويترك الواله من حرقة الفراق يتألم. سنة الله الكريم في خلقه: ﴿كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾ وسنة الله العادل التي لا تجامل أحدًا، ولو كانت تجامل لجاملت حبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل فقال: “يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فانك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزى به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس . سنة الله الرحيم بخلقه الذي إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون فأحبب من شئت وتعلق بمن شئت، فإنك مفارقه. لنا أحبة، وما ظننا يومًا أن الموت سيأخذهم ومنهم من هم في ريعان شبابهم بالرغم من إيماننا أن الموت لا يفرق بين صغير وكبير، سقيم ومعافى غني وفقير غادرونا إلى الرفيق الأعلى تباعًا واحترقت قلوبنا لفراقهم ونحن راضون بقضاء الله مومنون بأن ما يريده المولى لنا خير مما نريده لأنفسنا.

أعظم محبوب

 وقد يطرح السؤال التالي: هل قدر الإنسان أن يعيش حياته كلها يتجرع ألم فقدان الأحبة؟ أليس ثمة من حبيب لا يموت؟ يقول سبحانه: ﴿إلا وجهه﴾ ويقول أيضًا: ﴿ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾ أي ويبقى ذات الله الواحد الأحد، ذو العظمة والكبرياء والإنعام والإكرام . الكل فان والله باق، حي لا يموت فبشرى- من صميم القلب – لمن كان المولى جل وعلا محبوبه، هنيئًا لمن غلب حب ذو الجلال والإكرام، حبه لمن سواه، فاستعجل الموت سبيلا للقاء المحبوب. كانت إحدى العابدات تقول: “والله لقد سئمت الحياة حتى لو وجدت الموت يباع لاشتريته شوقًا إلى الله وحبًا للقائه، فقيل لها: على ثقة أنت من عملك قالت: “لا والله! لحبي إياه وحسن ظني به، أفتراه يعذبني وأنا أحبه؟” . فيا رب! يا الله! يا واسع الرحمة! يا باق، أسالك أن ترزقنا حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا من حبك، وحب لقائك

 

كيفية التعامل مع الحب 

 

جاء جبريل عليه السلام الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ” يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، وأعمل ما شئت فإنك مجازى به، وأعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس ” هل يساعدنا الحديث على تقبل ما يحدث لنا؟ أم أن الانسان بطبعه جزوع لا يتقبل فكرة الابتعاد عمن أحب وابتعاده عنه؟ من أراد السعادة فعليه أن يعرف الحياة بكل جوانبها وأن هذا الحديث يساهم في فهم الحياة بشكل كافي، إن الحب أعظم إحساس يعيشه الانسان فالمحبوب يكون أغلى ما في الكون بنسبه لمحبوبه وبمجرد التفكير في فراق من نحب كارثة وتصور الحياة تسير بعيدًا عن المحبوب كارثة اكبر. فهل نتعامل مع الحب ببرود لأن الإيمان بحقيقة الحياة انها لا تدوم لأحد ؟، أم اننا يجب أن نتمسك بكل لحظة حب نعيشها ونحرص على أن نحيا كل ثانية من العمر بسعادة ومحبة ولننسى التفكير بالمستقبل فلا يهم كم سنعيش من سنوات ولكن المهم هو كيف نحيا هذه السنوات في دنيا لا تعرف الخلود الا لخالقها ( سبحانه وتعالى ) فقط .

قد يعجبك ايضا
تعليقات