القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

دخل من الباب خرج من الخوخة

116

للرسامة التشكيلية/زجاء بن موسى تونس.
متابعة عبدالله القطاري من تونس

إن اعمالي الفنية هي اعمال تحمل في ذاكرتها حكايات،
هي ثقافة شعب بتقاليده وعاداته وقيمه وأخلاقه، فكل لوحة فنية تصحبها قصة من زمن أجدادنا وحياتهم اليومية،
فهذه لوحة باب الخوخة،٠
..باب الخوخه هو الباب الصغير الموضوع وسط الباب الكبير. وهو باب متثاقل القدم، حيث تتالت في نقله حضارات مختلفة كالحضارة الفارسيه والحضارة الإسلامية وما زال الآن في بعض المساجد والبيوت من المدينة العتيقة، حيث يحافظ على هذه الابواب كجزء من التراث والتقاليد مثل مدينه سيدي بوسعيد في الضاحية الشمالية للعاصمة.
ولنا مثل تونسي يقول :
دخل من الباب خرج من الخوخة
هذه حكاية جدي الهذيلي حيث تراه معتدلا امام الباب بكدرونه الصوفي الابيض وبمظلته المنسوجة من سعف النخيل تضفي ظلا على عرق يترقرق من جبينه كان قد روى به حرث الارض، ويحمل على كتفه منجلا يحن لساعد قد مشط السانية وقدمها عروسا لغيث السماء، و مثلنا لا ينبت زرعا بلا مطر وما تدوم محبة بلا قدر،
وهذه قفته المنسوجة من السمار تشدو بثمار تدعو ضيفه للسهر٠
لقد كان لي حنين الى جدي وهو يضع يده اليسرى الكريمة على كتف ضيفه اسماعيل
“فالصاحب اللي ما تلقاه وقت الشدة خليه و اتعدى..” هكذا يقول المثل
اما يده اليمنى فقد مسكت دقداقة الباب الكبير لتعزف لحن الكرم والترحيب كدقات حبات المطر تشدو نفعا، “والي يقصد يقصد دار كبيرة.”
تأهبت جدتي سالمة . أحكمت تقريطتها على شعرها المتموج وأسدلت سالفها على خدها ونظرت ألى معصميها فسترت ما كشف منها بكمي مريول الفضيلة
ووقفت ترتب تخليلتها بحزام صوفي قد نسج من لون الشمس والقمر
وتخرج للحوش وتمد يدها كالأفق
نورت الدار سيدنا….
رحنا في خير وسرور المقفول يغلي والكسكاس يفور
هيا اتفضل مرحبا
تغرب عيون الضيف خجلا، وترتاح أساريره في ابتسامة خفية ويرمي بغربته على الدكانة وينفض غبار الخجل…
فهذه المائدة منصوبة أمامه…
هيا أتفضل كول ما حضر…
“فالطعام /الى ما يأكل منو الضيف ما فيشى كيف/.”
تبسي كسكسي بالقديد و سلة السعف تتهادى بالكرموس نضجة نضرة
وليس كمثل الكرموس في العديلة.
ويرتوي من ماء عذب رقراق سكب من قلة في مشرب و/موش كل بير يتشرب من ماه/.
وان شاءالله ديما عامرة
ثم تغدو الحكايات لذيذة ….
اذا لقيت “الزها والطرب لا اتبدلو لا بشقا ولا بتعب”
والحنين الى الماضي يدغدغ السمر
تتذكر ذلك العام يا حسرة الى ان يصل الحمد لله وربي يرحمهم ويسترنا دنيا وآخرة
ها هو ضيفنا يلملم بقايا السهر
سهرية برشا مزيانة و زايد ما تشكر إلا ما اتعاشر وبعد العشرة تبان الناس الملاح..
هيا انبقيكم على خير
تنار له السقيفة بفنارة يحملها جدي في نورها المتكاسل حنين وبركة لهذا اللقاء
فالضيف ضيف لو بقى شتاء وصيف..
يحني الضيف رأسه استعدادا للخروج من باب الخوخة
كيف لا وقد أصبح من اهل الدار…والديار بأصحابها .

رجاء بن موسى فنانة تشكيلية من تونس

قد يعجبك ايضا
تعليقات