القاهرية
العالم بين يديك

لكل عصر جحاه

271

 

بقلم السيد عيد

كما أن الفاكهة ثمرة الأرض، فالفكاهة ثمرة العقل، لفظ الفكاهة مشتق من اسم الفاكهة وهي الشهي اللذيذ من ثمار الأرض والفكاهة هي الشهي المفرح من ثمار الكلام

جحا حكاية تصلح لكل الأزمنة ولكل العصور
فأصبح لدينا جحا لكل عصر وكثرت الشخوص الجحوية وتعددت ماهيتها وأشكالها لتمثل النقد الملتوى والشرز الذى ينظر فى غير مواجهة مع ابتسامة ساخرة قد تمثل قيمة علاجية أو دوائية للنفس الكاظمة

ربما أغلبنا قرأ أو سمع قصة من قصص جحا فذات يوم
حمل جحا إوزة مشوية إلى أمير حلب ، وأثناء سيره غلبه الجوع فأكل إحدى رجليها في الطريق ، وعندما سأله الأمير عنها ، زعم جحا أن الإوز كله خلقه الله برجل واحدة في حلب ، ثم أشار إلى سرب من الإوز في حديقة الأمير ، وكان الإوز قائما على قدم واحدة كعادته وقت الراحة .

نادى الأمير جنديا من حرسه وأمره أن يهجم على سرب الإوز بعصاه ،فما كاد يفعل حتى أسرع الإوز على قدميه الاثنتين ، ثم قال الأمير لجحا هل رأيت الآن أن الإوز في حلب خلقه الله بقدمين وليس بواحدة ؟ .
قال جحا مهلا أيها الأمير ، فلو هجم حارس على إنسان بهذه العصا ، لجرى الإنسان نفسه على أربع

من هنا يتبين لنا أن المرء منا في الأساس، لابد أن يكون هو من يصنع واقعه وحياته وفق ما يراه هو
وألا يتبدِّل طبيعته الإنسانية، فهذا الفرد الذي يمشي على اثنتين بالظلم والخوف يمشي على أربعٍ، كدليلٍ على ما تستطيع العصا فعله بالناس

إنّ نوادرَ جُحا لم تَكنْ تسخرُ من مآسي الناسِ ومعاناتهم، فظاهرها مضحكٌ وباطنها موجعٌ، كانت رسائل ملغومة إلى الظالم والى المطبلين

إن الجلبة التي تصنعها هذه الشخصيات مثل شخصية جحا لا يتحملها مسامع الظالم الذى لا يحب أن يسمع سوى التطبيل والمديح، ولا يطربه إلا المحاباة والتملق والكذب والنفاق. أما أن يقول أحدهم كلمة حق واحدة عن الفساد والظلم فهذا ما يقلقه ويقض مضاجعه، حتى إذا كانت كلمة الحق هذه في صورة مقال ساخر أو نكتة رعناء.

.

قد يعجبك ايضا
تعليقات